للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم" (١) أي ارفعوا إلى الأئمة ليقيموا الحدود عليهم.

ص: قالوا: فلما أمر رسول الله -عليه السلام- في الأمة إذا زنت أن تجلد، ولم يأمر مع الجلد بنفي، وقد قال الله -عز وجل-: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} (٢) فأعلمنا بذلك أن ما يجب على الإماء إذا زنين هو نصف ما يجب على الحرائر إذا زنين، ثم ثبت أن لا نفي على الأمة إذا زنت كان كذلك أيضًا لا نفي على الحرة إذا زنت.

ش: أي قال أهل المقالة الثانية: لما أمر رسول الله -عليه السلام- في الأحاديث المذكورة في الأمة إذا زنت أن تجلد ولم يأمر مع ذلك بالنفي، فدل على أنه لا نفي على الأمة مع الحد، فإذا لم يثبت النفي على الأمة إذا زنت، لم يثبت على الحرة أيضًا إذا زنت؛ لأن ما يجب على الإماء نصف ما يجب على الحرائر، فإذا ثبت النفي في ذلك النصف لم يثبت في الكل. فافهم.

ص: وقد روينا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما تقدم من كتابنا أنه نهى عن أن تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا مع محرم، فدل ذلك أيضًا أن لا تسافر المرأة ثلاثة أيام في حد الزنا بغير محرم، وفي ذلك إبطال النفي عن النساء في الزنا.

فإذا انتفى أن يكون يجب على النساء اللاتي غير المحصنات نفي في الزنا، انتفى ذلك أيضًا عن الرجال أيضًا، وكان درء النبي -عليه السلام- إياه عن الإماء فيما ذكرنا درءًا عن الحرائر، وفي درئه إياه عن الحرائر دليل على درئه إياه عن الأحرار.

وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد -رحمهم الله-.


(١) تقدم.
(٢) سورة النساء، آية: [٢٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>