للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ش: حديث النهي عن مسافرة المرأة ثلاثة أيام إلا مع محرم قد مرَّ في. . . . (١) وباقي الكلام ظاهر.

فإن قيل: يلزم الحنفية على ما ذكروا أن لا يمنعوا من تغريب المرأة إلى ما دون ثلاثة أيام.

قلت: لا يلزم ذلك؛ لأن النفي ليس من الحد، حتى يستعملوه فيما يمكنهم، وإنما هو من باب التعزير، ومن الدليل على ذلك: أن الحدود معلومة المقادير والنهايات؛ ولذلك سميت حدودًا، لا يجوز الزيادة عليها ولا النقصان منها، فلما لم يذكر النبي -عليه السلام- للنفي مكانًا معلومًا ولا مقدارًا من المسافة والبعد، علمنا أنه ليس بحد، وأنه موكول إلى رأي الإِمام، والإمام لا يرى بالنفي في النساء خوفًا عليهن من الفتنة.

وقال إبراهيم النخعي: كفى بالنفي فتنة (٢)، وروى عبيد الله، عن نافع، عن [أبي بكر] (٣): "أن أمة له زنت فجلدها ولم ينفها"، وقد روي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - (٤) "أنه غرَّب ربيعة بن أمية في الخمر إلى خيبر، فلحق بهرقل فتنصر، فقال عمر - رضي الله عنه -: "لا أغرب بعدها أحدًا". ولم يستثن الزنا.

ص: فإن قال قائل: إني أنفي الأمة إذا زنت ستة أشهر مثل نصف ما تنفى الحرة، وقال: لم ينف النبي -عليه السلام- النفي فيما ذكرتموه عنه من جلد الأمة إذا زنت، ولا بقوله: "ثم بيعوها" في المرة الرابعة.

فكفى بهذا القائل المخالف جهلًا إذ قد خالف كل من تقدمه من أهل العلم وخرج من أقاويلهم، ويقال له: بل فيما روينا عن النبي -عليه السلام- من


(١) بيض له المؤلف:.
(٢) انظر "نصب الراية" (٣/ ٣٣٠).
(٣) في "الأصل، ك": "إبراهيم"، وهو تحريف، والحديث أخرجه عبد الرزاق بنحو (٧/ ٢٠٤ رقم ١٢٧٩٦) من طريق عبيد الله عن نافع أن رجلًا جاء إلى أبي بكر. . . . إلى آخره، وفيه قصة.
(٤) رواه النسائي (٨/ ٣١٩ رقم ٥٦٧٦)، وعبد الرزاق في "مصنفه" (٧/ ٣١٤ رقم ١٣٣٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>