ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: لا يجب في هذا حد الزنا, ولكن يجب فيه التعزير والعقوبة البليغة، وممن قال بذلك أبو حنيفة وسفيان الثوري:
حدثنا سليمان بن شعيب، عن أبيه، عن محمَّد، عن أبي يوسف، عن أبي حنيفة بذلك.
وحدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم قال: "سمعت سفيان يقول في رجل تزوج ذات محرم منه ودخل بها قال: لا حدَّ عليه".
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم فقهاء الكوفة منهم: أبو حنيفة وسفيان الثوري، فإنهم قالوا: لا يجب في الصورة المذكورة حد الزنا, ولكن يجب فيها التعزير البالغ والعقوبة البليغة.
وأخرج قولي أبي حنيفة وسفيان مسندًا:
أما قول أبي حنيفة فأخرجه عن سليمان بن شعيب الكيساني، عن أبيه شعيب ابن سليمان، عن محمَّد بن الحسن، عن أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري القاضي، عن الإِمام أبي حنيفة.
وأما قول سفيان فأخرجه عن فهد بن سليمان، عن أبي نعيم الفضل بن دكين -شيخ البخاري- عن سفيان.
وقال ابن حزم في "المحلى": قال أبو حنيفة: لا حدَّ عليه في كل ذلك، ولا حد على من تزوج أمه التي ولدته وابنته وأخته وجدته وعمته وخالته وبنت أخيه بنت أخته عالمًا بقرابتهن منه، عالمًا بتحريمهن عليه، ووطئهن كلهن، والولد لاحق به، والمهر واجب لهن عليه، وليس عليه إلا التعزير دون الأربعين فقط، وهو قول سفيان الثوري.
قالا: فإن وطئهن بغير عقد النكاح فهو زنى، عليه ما على الزاني من الحد.
ص: وكان من الحجة على الذين احتجوا عليهما بما ذكرنا؛ أن في تلك الآثار أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالقتل، وليس فيه ذكر الرجم، ولا ذكر إقامة الحد، وقد