للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجمعوا جميعًا أن فاعل ذلك لا يجب عليه قتل، إنما يجب عليه في قول من يوجب الحد على الرجم إن كان محصنًا، فلما لم يأمر رسول الله -عليه السلام- بالرجم وإنما أمره بالقتل؛ ثبت بذلك أن ذلك القتل ليس لحد الزنى، ولكن المعنى خلاف ذلك، وهو أن المتزوج فعل ما فعل من ذلك على الاستحلال كما كانوا يفعلون في الجاهلية، فصار بذلك مرتدًّا، فأمر رسول الله -عليه السلام- أن يفعل به ما يفعل بالمرتد، وهكذا كان أبو حنيفة وسفيان يقولان في هذا المتزوج: إن كان أتى ذلك على الاستحلال أنه يقتل.

فإذا كان ليس في الحديث ما ينفي قول أبي حنيفة وسفيان لم يكن فيه حجة عليهما؛ لأن مخالفهما ليس بالتأويل أولى منهما.

ش: أي: وكان من الدليل والبرهان على القوم الذين احتجوا على أبي حنيفة وسفيان بحديث البراء بن عازب المذكور.

ملخص هذا: أن الأحاديث المذكورة ليست بحجة على أبي حنيفة وسفيان؛ لأن المأمور فيها هو القتل دون الرجم، وكان ذلك لأجل الاستحلال، فصار حكمه حكم المرتد، فلذلك أمر -عليه السلام- بالقتل دون الرجم، وكلامه ظاهر لا يحتاج إلى البسط.

ص: وفي ذلك الحديث أيضًا أن رسول الله -عليه السلام- عقد لأبي بردة الراية، ولم تكن الرايات تعقد إلا لمن أمر بالمحاربة، والمبعوث على إقامة حد الزنى غير مأمور بالمحاربة.

ش: هذا جواب آخر في دفع كون الأحاديث المذكورة حجة على أبي حنيفة وسفيان، وهو ظاهر لا يخفى.

ص: وفي الحديث أيضًا أنه بعثه إلى رجل تزوج بامرأة أبيه، وليس فيه أنه دخل بها، فإن كانت هذه العقوبة وهي القتل مقصودًا بها إلى المتزوج لتزوجه، دل ذلك أنها عقوبة وجبت بنفس العقد لا بالدخول، ولا يكون ذلك إلا والعاقد مستحل لذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>