للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فدل ذلك على موافقتهم إياه في المعنى الذي قصده، والفعل الذي فعله؛ إذ لو كان الأمر بخلاف ذلك لما وسعهم اتباعهم إياه، ولأنكروا عليه في ذلك، وهذا ظاهر.

فإن قيل: هذا يتمشى في قوله -عليه السلام-: "كل مسكر حرام"، ولكن ما تقول في قوله: "ما أسكر الفرق منه فملء الكف منه حرام" كما مر ذكره في حديث عائشة - رضي الله عنها -؟

وفي رواية عنها أخرجها الدارقطني (١): "ما أسكر الفرق فالأوقية منه حرام".

وفي رواية عنها أيضًا (٢): "ما أسكر الفرق فالحسوة منه حرام".

وفي رواية (٣): "ما أسكر الفرق فالجرعة منه حرام".

قلت: الكل يرجع إلى معنى واحد، وهو أنه يحرم منه بعد الإسكار ملء الكف والجرعة والحسوة، لا أنه قبل الإسكار يحرم شيء من ذلك.

ثم إنه أخرج ما روي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - من تسع طرق.

الأول: عن فهد بن سليمان، عن عمر بن حفص النخعي الكوفي شيخ البخاري ومسلم، عن أبيه حفص بن غياث النخعي، عن سليمان الأعمش، عن إبراهيم النخعي، عن همام بن الحارث النخعي الكوفي، عن عمر - رضي الله عنه -.

وهذا إسناد صحيح، ورجاله كلهم رجال الصحيح ما خلا فهدًا.

وقال ابن حزم: هذا خبر صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٤): ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن همام قال: "أتي عمر - رضي الله عنه - بنبيذ زبيب من نبيذ زبيب الطائف.


(١) "سنن الدارقطني" (٤/ ٢٥٤ رقم ٤٦)، (٤/ ٢٥٥ رقم ٥٠).
(٢) "سنن الدارقطني" (٤/ ٢٥٥ رقم ٥٢، ٥٤)، (٤/ ٢٥٦ رقم ٥٥).
(٣) "سنن الدارقطني" (٤/ ٢٥٥ رقم ٥٣).
(٤) "مصنف ابن أبي شيبة" (٥/ ٧٩ رقم ٢٣٨٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>