للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المضاربة من الربح، وكانت المساقاة والمزارعة إذا عقدتا إلا إلى وقت معلوم كانتا فاسدتين، ولا تجوز إلا إلى وقت معلوم، وكانت المضاربة تجوز لا إلى وقت معلوم، وكان المضارب له أن يمتنع بعد أخذه المال للمضاربة من العمل به متى أحب، ولا يجبر على ذلك، وكان لرب المال أيضًا أن يأخذ المال من يده متى أحب، شاء ذلك المضارب أو أبى.

وليست المساقاة والمزارعة كذلك؛ لأنا قد رأينا المساقي إذا أبى العمل بعد وقوع عقد المساقاة أجبر على ذلك، وإن أراد ربّ النخل أخذها منه وقبض المساقاة لم يكن له ذلك حتى تنقضي المدة التي تعاقدا عليها، فكان عقد المضاربة عقدًا لا يوجب إلزام واحد من رب المال ولا من المضارب، وإنما يعمل المضارب بذلك المال ما كان هو ورب المال متفقين، وكانت المساقاة تجبر على الوفاء بما يوجب عقدها كل واحد من رب النخل والمساقي، فأشبهت المضاربة الشركة فيما ذكرنا، وأشبهت المساقاة الإجارة فيما قد وصفنا.

ش: أي فكانت دليلنا وبرهاننا على أهل المقالة الأولى في قياسهم المزارعة والمساقاة على الإجارة في عدم صحة كرائها إلا بالدراهم والدنانير والعروض، وأراد بذلك منع قياسهم المذكور وبيان فساده بقوله: "إن المضاربة إنما ثبت فيها الربح بعد سلامة رأس المال. . . . إلى آخره"، وبين ذلك من أوجه:

أشار إلى الوجه الأول بقوله: "إن المضاربة إنما تثبت فيها الربح. . . . إلى آخره".

وإلى الثاني بقوله: "وكانت المساقاة والمزارعة إذا عقدتا. . . . إلى آخره".

وإلى الثالث بقوله: "وكان المضارب له أن يمتنع بعد أخذه المال للمضاربة. . . . إلى آخره".

وإلى الرابع بقوله: "ونقض المساقاة لم يكن له ذلك. . . . إلى آخره".

وإلى الخامس بقوله: "وكانت المساقاة تجبر على الوفاء. . . ." إلى آخره.

وبين بهذه الوجوه فساد قياسهم المزارعة على المضاربة؛ فافهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>