ص: فذهب قوم إلى أن بول ما يؤكل لحمه طاهرٌ وأن حكم ذلك حكم لحمه، وممن ذهب إلى ذلك محمَّد بن الحسن، وقالوا لما جعل ذلك النبي - عليه السلام - دواء لما بهم، ثبت أنه حلال؛ لأنه لو كان حراما لم يُدَاوِهم به؛ لأنه داء وليس شفاء.
ش: أراد بالقوم المذكورين: الشعبي وعطاء والنخعي والزهري وابن سيرين والحكَم بن عتيبة والثوري، فإنهم استدلوا بالحديث المذكور على طهارة بول ما يؤكل لحمه وممن ذهب إلى ذلك محمد بن الحسن من أصحاب أبي حنيفة، والإصطخري والرُّويَانيُّ من أصحاب الشافعي، وإليه ذهب مالك وأحمد.
وقال في داود وابن عُليَّة: بول كل حيوان ونَجْوه -وإن كان لا يؤكل- طاهر غير بول الآدمي.
ص: كما قال في حديث علقمة بن وائل بن جُحْر؛ حدثنا ربيع المؤذن، قال: نا يحيى بن حسان، قال: نا حماد بن سلمة (ح). وحدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو الوليد، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن سماك بن حرب، عن علقمة بن وائل، عن طارق بن سُوَيد الحضرمي، قال:"قلت: يا رسول الله، إن بأرضنا أعنابا نعتصرها أفنشرب منها؟ فقال: لا. فراجعته، فقال: لا. فقلت: يا رسول الله إنا نستشفي بها للمريض، قال: ذاك داء وليس شفاء".
ش: إشار به إلى الاستدلال بأن الحرام لا يجوز أن يداوى به، ولو كانت أبوال الإبل ونحوها حراما، لَمَا أمرهم - عليه السلام - أن يتداوو به، والدليل عليه حديث طارق بن سويد، فإنه يدل على أن التداوي بالحرام غير جائز، ألا ترى كيف قال رسول الله - عليه السلام -: "ذاك داء وليس شفاء" حتى قال له طارق: "أنا نستشفي بها للمريض"؟ فلو كانت أبوال الإبل ونحوها حراما؛ لما أمر النبي - عليه السلام - بالتداوي به، فأَمْرُه بذلك دَلَّ على أنه حلال، فيكون طاهرا.