للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: نحن لا نستدل بهذا إلَّا على انتساخ ما كان روى عمار من أن التيمم إلى الآباط والمناكب، وأما كون التيمم بضربتين: ضربة للوجه، وضربة للكفين إلى المرفقين، فبأحاديث غير ذلك على ما نذكره، إن شاء الله تعالى.

ص: حدثنا أبو بكرة، قال: نا أبو داود، قال: نا شعبة، عن الحكم، قال: سمعت ذر بن عبد اللهَ يحدث، عن ابن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه: "أن رجلًا أتي عمر - رضي الله عنه - فقال: إني كنت في سفر، فأجْنَبْتُ، فلم أجد الماء، فقال عمر: لا تصل. فقال عمار: يا أمير المؤمنين أما تذكر أني كنت أنا وإياك في سرية، فأجنبنا فلم نجد الماء، فأما أنت فلم تصل، وأما أنا فتمرغت في الزاب، فأتينا النبي - عليه السلام - فأخبرناه، فقال: أما أنت فكان يكفيك، وقال بيديه وضرب بهما، ونفخ فيهما، ومسح وجهه وكفيه".

قال أبو جعفر -رحمه الله-: ففعل عمار إذ تمرغ يريد بذلك التيمم، وإن كان ذلك بعد نزول الآية، فإنما كان ذلك منه -عندنا والله أعلم- لأنه عمل على أن التيمم للجنابة غير التيمم للحديث، حتى علمه النبي - عليه السلام - أنهما سواء.

ش: أورد هذا الحديث لمعنيين:

الأول: أنه ناسخ لما تقدم من التيمم إلى المناكب والآباط.

والثانى: أن فعل عمار - رضي الله عنه - أعني: تمرغه لأجل التيمم- إنما كان ذلك منه ظنّا منه أن هذا هو تيمم الجنابة، وأن تيمم الجنابة غير تيمم الحدث، حتى علمه النبي أنهما سواء.

وإسناده صحيح على شرط الشيخين، وأبو داود هو سليمان بن داود الطيالسي، والحكم هو ابن عتيبة، وذرّ -بفتح الذال المعجمة وتشديد الراء- بن عبد الله بن زُرارة المُرْهِبِىّ الهمدني، روى له الجماعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>