للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "إن شئت لم أحدث به" أراد إن رأيت المصلحة في إمساكي عن التحدث به راجحة على مصلحة تحديثي أمسكت، فإن طاعتك واجبة علىَّ في غير معصية.

قوله: "كلا والله" كلا ردع وزجر وتنبيه على الخطأ، ومنه قوله تعالى: في {كَلاَّ} بعد قوله: {إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ} (١) وتجيء بمعنى "حقّا" ومنه قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى} (٢).

ويستفاد منه أحكام:

الأول: استدل به من ذهب إلى أن التيمم ضربة واحدة للوجه والكفين جميعا.

والجواب: أن المراد ها هنا صورة الضرب للتعليم، وليس المراد بيان جميع ما يحصل به التيمم، وقد أوجب الله غسل اليدين إلى المرفقين في الوضوء، ثم قال في التيمم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا} (٣) والظاهر أن اليد المطلقة ها هنا هي المقيدة في الوضوء في أول الآية، فلا يترك هذا الصريح إلا بدلالة [صريحة] (٤).

الثانى: استدل به أبو حنيفة على جواز التيمم من الصخرة التي لا غبار عليها؛ لأنه لو كان معتبرا لم ينفخ في يديه.

الثالث: فيه حجة لما كان يذهب إليه عُمَر وعبد الله بن مسعود من أن الجنب لا يطهره إلا الماء، ولكن الأصح أنهما رجعا عن ذلك فإن قيل: إن عمر لم يقنع بقول عمار، حيث قال: "اتق الله يا عمار" فكيف يكون ذلك؟


(١) سورة الفجر، آية: [١٦].
(٢) سورة العلق، آية: [٦].
(٣) سورة النساء، آية: [٤٣].
(٤) في "الأصل، ك": صريح.

<<  <  ج: ص:  >  >>