للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعامَّة فقهاء الأمصار على أنه سُنّة، وهو حقيقة مذهب مالك، والمعروف من قوله، ومعظم قول أصحابه وجاء عنه ما دل أنه مستحب، وقال به طائفة من العلماء.

وقال بعضهم: الطيب يجزئ عنه.

ص: وخالفهم في ذلك آخرون، وقالوا: ليس الغسل يوم الجمعة بواجب، ولكنه مما قد أمر به رسول الله - عليه السلام - لمعان قد كانت فمنها: ما رُوي عن ابن عباس في ذلك:

حدثنا فهد بن سليمان، قال: نا ابن أبي مريم، قال: أنا الدراورديُّ ح.

وحدثنا محمَّد بن خزيمة، قال: نا القعنبيُّ، قال: نا الدراوردي، قال: حدثني عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة، قال: "سئل ابن عباس - رضي الله عنه - عن الغسل يوم الجمعة؛ أواجب هو؟ قال: لا, ولكنه طهور وخير، فمن اغتسل فحسنٌ، ومن لم يغتسل فليس عليه بواجب. وسأخبركم (كيف) (١) بَدْءُ الغُسْل: كان الناس مجهودين، يلبسون الصوف ويعملون على ظهورهم، وكان مسجدهم ضيقًا مُقارب السقف، إنما هو عريش، فخرج رسول الله - عليه السلام - في يوم حرٍّ وقد عَرِقَ الناس في ذلك الصوف، حتى ثارت رياح، حتى آذى بعضُهم بعضًا، فوجد رسول الله - عليه السلام - تلك الرياح، فقال: أيها الناس إذا كان هذا اليوم فاغتسلوا, وليمس أحدكم أمثل ما يجد من دُهْنه وطيبه، قال ابن عباس: ثم جاء الله بالخير، ولبسوا غير الصوف، وكُفُوا العملَ وَوُسِّع مسجدُهم".

فهذا ابن عباس يخبر أن ذلك الأمر الذي كان من رسول الله - عليه السلام - بالغسل لم يكن للوجوب عليهم، وإنما كان لعلة ثم ذهبت تلك العلة فذهب الغسل، وهو أحد من روي عنه عن رسول الله - عليه السلام -: "أنه كان يأمر بالغسل".


(١) تكررت في "الأصل".

<<  <  ج: ص:  >  >>