ش: أي: خالف القوم المذكورين جماعةٌ آخرون، وأراد بهم جمهور العلماء من التابعين وغيرهم، والأئمة الأربعة وأصحابهم؛ فإنهم قالوا: الغسل يوم الجمعة ليس بواجب، وإنما كان النبي - عليه السلام - أمر به لعلة، وقد زالت، فزال وجوب الغسل معها. وقد بيَّنها ابن عباس - رضي الله عنهما - في حديثه المذكور، وقد علم أن الحكم ينتهي بانتهاء علته.
قوله:"لمعان" أي لعلل، واختار لفظ المعاني كراهة لذكر اصطلاح الفلاسفة.
قوله:"فمنها" أي فمن تلك المعاني، ما روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، وأخرجه من طريقين صحيحين:
الأول: عن فهد بن سليمان النحاس، عن سعيد بن الحكم المعروف بابن أبي مريم شيخ البخاري في "الصحيح"، عن عبد العزيز بن محمَّد الدراوردي نسبته إلى درَاوَرْد، بفتح الدال، قرية بخراسان، عن عمرو بن أبي عمرو مَيْسرة، ابن عمار المدني.
الثاني: عن محمد بن خزيمة، عن عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي، عن الدراوردي ... إلى آخره.
وأخرجه أبو داود (١): عن عبد الله بن مسلمة، عن الدراوردي، عن عمرو -يعني ابن أبي عمرو- عن عكرمة:"أن ناسًا من أهل العراق جائوا فقالوا: يا ابن عباس، أترى الغسل يوم الجمعة واجبًا؟ قال: لا, ولكنه أطهر وخير لمن اغتسل، ومن لم يغتسل فليس عليه بواجب، وسأخبركم" ... إلى آخره نحوه.
قوله:"طهور" أي: مطهر للبدن، وخير لمن اغتسل في الثواب.
قوله:"كيف بَدْء الغسل" أي: كيف كان ابتداؤه.
قوله:"مجهودين" من قولهم جُهِدَ الرجل فهو مجهودٌ، إذا وجد مشقةً.