للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "فليس فيه حجة لهم" كلام ساقط؛ لأن ابن عباس - رضي الله عنهما - لو لم يدر عدم وجوب الغسل يوم الجمعة لما قال: "لا"، حين سئل عنه. وكيف وقد رَوَى عنه - عليه السلام -: أنه كان يأمر به، ولو لم يثبت عنده أن هذا الأمر كان لعلة، وأنها قد زالت فزال الوجوب، لما علَّل عدم الوجوب بما ذكره، ولا يُظَن في حق ابن عباس أنه عرف وجوب الغسل وحقيقته، ثم ترك وذهب! إلى عدم الوجوب. وكيف وهو أعلم الناس بمواقف النصوص، وعللها ومواردها، وما يتعلق بأحكامها؟!.

ص: وقد روي عن عائشة - رضي الله عنها - في ذلك شيء:

حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: أنا أنس بن عياض، عن يحيي بن سعيد ح.

وحدثنا محمَّد بن الحجاج، قال: أنا علي بن معبد، قال: أنا عبيد الله -يعني ابن عمرو الجزري- عن يحيي بن سعيد قال: "سألت عمرة عن غسل يوم الجمعة، فذكرت أنها سمعت عائشة تقول كان الناس عُمَّال أنفسهم، فيروحون بهيئتهم، فقال: لو اغتسلتم".

فهذه عائشة - رضي الله عنها - تخبر أن رسول الله - عليه السلام - إنما كان ندبهم إلى الغسل للعلة التي أخبر بها ابن عباس - رضي الله عنهما -، وأنه يجعل ذلك عليهم حتمَا. وهي أحد مَنْ روينا عنه في الفصل الأول أن النبي - عليه السلام - كان يأمر بالغسل في ذلك اليوم.

ش: أي قد روي عن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - في المعنى الذي ذكره ابن عباس شيء؛ حيث قالت: "كان الناس عمال أنفسهم ... " إلى آخره، أرادت: إنما أمرهم رسول الله - عليه السلام - بالغسل للمعنى الذي ذكره ابن عباس، وذلك المعنى قد زال، فزال الوجوب؛ على أن عائشة - رضي الله عنها - هي أحد من روى عنه أنه - عليه السلام - كان يأمر بالغسل يوم الجمعة.

ثم إنه أخرج حديث عائشة من طريقين صحيحين:

الأول: عن يونس بن عبد الأعلى، عن أنس بن عياض بن ضمرة المدني، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، قال: "سألت عَمْرَة ... ".

<<  <  ج: ص:  >  >>