للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لفظه؛ بل إسناد الفعل إلى صريح لفظه، فالأولى على وجه يتضمن تلبس الفعل بصريح لفظه (إظهار الكمال العناية بوقوعه عليه) الأولى تلبسه به، ووجه الإظهار أن في الضمير خفاء يخاف معه عن الفعلية، فلما حفظه عن الخفاء ظهر كمال العناية به (كقول البحتري: [قد طلبنا فلم نجد لك في السّؤدد]) السيادة [(والمجد والمكارم)] جمع مكرمة بضم الراء وفتح الميم-[(مثلا)] (١) وهذا المثال إنما هو على مذهب البصريين، وإلا فمثلا مفعول قد طلبنا، ووجه الحذف على ما هو المشهور الاحتراز عن الإضمار قبل الذكر في الفضيلة، وعن الإظهار، فإن كلا منهما خلاف الاستعمال الوارد (ويجوز أن يكون السبب) للحذف (ترك مواجهة الممدوح بطلب مثل له) إذ ظاهره التجويز، فإن ما لا يجوز العاقل وجوده لا يطلب، قال الشارح: وأيضا في هذا الحذف بيان بعد الإبهام، وفيه أن البيان بعد الإبهام المزيد التقرير والتمكن، ولا يناسب تقرير طلب المثل في ذهن الممدوح، ويجوز أن يكون السبب دفع توهم السامع أنه وجد له مثلا، وقلقه منه.

(وإما للتعميم) (٢) في المفعول (مع الاختصار كقولك: قد كان منك ما يؤلم، أي: كل أحد) واعترض عليه الشارح: بأن المفيد للعموم هو المقدر العام المعلوم بالقرينة، فالحذف لمجرد الاختصار، والاعتراض قوي، وإن شنع عليه السيد السند بأن منشأه عدم التمييز بين ما يكون العلم بتقديره عاما، مع قطع النظر عن الحذف وبين ما يكون الموصل إلى تقديره عاما الحذف، فإنه لما حذف يستدل على تقديره عاما بأن تقديره غير عام، والمقام خطابي يوجب التحكم، فهاهنا الحذف للتعميم؛ لأنه ما لم يحذف لا يمكن التوصل إلى تقديره عاما بالمقام الخطابي، وفي القسم الأول لمجرد الاختصار، فإن ما ذكره كلام متعجب؛ إذ لا يعقل محصل للقول لحذف العام للتعميم، ولا يكون الحذف قرينة على تعيين العام؛ إذ القرينة هو المقام الخطابي الدال على أن المقدر عام، إلا أن الحذف


(١) البيت في ديوانه، وفي دلائل الإعجاز ص ١٦٨، وفي الإيضاح ص ١١٣، وفي التلخيص ص ٣٤.
(٢) التعميم يؤخذ في الحقيقة من قرينة المقام، ولا يؤخذ من الحذف لوجوه مع الذكر، ولكن الحذف له فيه تأثير في الجملة؛ لأن تقدير مفعول خاص فيه دون آخر ترجيح بلا مرجح، وبهذا يحمل على العموم، وهذا إلى ما فيه من الاختصار كما ذكره بعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>