شرط للتمسك به في معرفة العموم، وما من قرينة على تقدير العام إلا وهي كذلك فأحسن التأمل، ونحن نقول وبالله التوفيق.
قال المصنف في الإيضاح: وإما للقصد إلى التعميم في المفعول، والامتناع عن أن يقصره السامع على ما يذكر معه دون غيره مع الاختصار، كقولك: قد كان منك ما يؤلم أي: ما الشرط في مثله أن يؤلم كل أحد وكل إنسان.
هذا، ويستفيد منه المتفطن أن حذف الخاص للدلالة على أن تعلق هذا الفعل لا يختص بهذا الخاص، بل يعمه وغيره، وإنما خص التعليق بمقتضى المقام لا للاختصاص، وكيف لا وقد قال والامتناع عن أن يقصره السامع على ما يذكر معه دون غيره؟ فعلم أن المحذوف الذي كان يذكر معه لم يكن عاما، وكان بحيث لو ذكر أوهم الاختصاص، فقوله: أي كل أحد ليس بيانا للمقدر بل للتعميم الذي أفيد بحذف الخاص، والتقدير: ما يؤلمني إيلامه لا يخص بي، فأفيد عدم الاختصاص بتعرية الكلام عن صورة التخصيص مع اعتباره في التقدير، ونبه بتفاوت بين هذا المثال، والآية بقوله تعالى: وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ (١) فإن التعميم المستفاد من السابق للمبالغة، وهنا على الحقيقة، فإن الله تعالى يدعو العباد كلهم، إلا أنه لا يجيبه منهم إلا السعداء فالمقدر يدعوكم، والمخاطب أمة محمد عليه السّلام، حذف المفعول إفادة لعموم دعوة الله لكل إنسان، ولا يخفى عليك أن شرح هذا المقام على هذا الوجه من نفائس الكلام، وليس التنبيه لك على عظم قدر ما خصني الله به من الإنعام في كل حين وآن؛ لأن يكون في مقام الامتنان، بل لأني أخاف على ما ألقي إليك من أن يكون مصداقا للمثل السائر أن الشيء إذا كثر هان.
(وإما لمجرد الاختصار) وفي بعض النسخ (عند قيام قرينة) واعترض عليه بأنه مستغني عنه بقوله: وجب التقدير بحسب القرائن، واعتذر الشارح بأنه تذكرة لما سبق، وغيره بأن المعنى عند قيام قرينة على أن الغرض مجرد الاختصار، ورده الشارح بأنه لا يخص بمجرد الاختصار، بل يشترك فيه جميع الأقسام، ويتجه عليه أن تذكر ما سبق أيضا، لا يخص بمجرد الاختصار، ولعل مراد