للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً (١) أي: لينذر الذين كفروا من كون الغرض ذكر المنذر به لا غير، وفيه أن حذف المنذر هنا للتنزيل بالنسبة إلى المنذر؛ لأنه ليس المقصود لا للتقدير، فهو بمعزل عما نحن فيه (وتقديم مفعوله) لم يقل وتقديمه، مع أن المقام مقامه ليتضح ضمير عليه. فافهم (ونحوه) (٢) أي نحو المفعول، والظاهر دخول الظرف والجار والمجرور فيه لا في مفعوله؛ لأن حمل المفعول إلى الآن على المفعول به يدعو إلى جملة هنا عليه، والمراد بنحوه: الفضلات لا شبه الفعل؛ إذ لو كان لقيل: ومفعول نحوه عليهما، ولا يذهب عليك أن ما ذكره من التأكيد لا يجري في الكل؛ إذ لا يقال: قائما جئت وحده، ولا لا غيره، ولا يوم الجمعة جئت وحده، إن خص الحال بالمفعول به، وقد نبه بذكر نحوه على أن البحث السابق أيضا لم يخص بالمفعول به، بل يتوقع فيه منك التحري والمقايسة، وهكذا كان دأبه، فربما يصرح بنحوه، وتارة يعتمد على معرفة مخاطبه أن مباحث هذا الفن مما للقياس فيه مساغ، وليس جل أمره السماع كما في النحو، ومما ترك فيه الوصفية بالمقايسة قوله (لرد الخطأ في التعيين) (٣) فإنه لا ينحصر التقديم فيه، بل يكون لنحوه من رد خطأ المخاطب في اعتقاد الشركة، أو لإزالة تردده، لكن قوله: بعد ولذلك ... إلخ، كان داعيا إلى ذكره؛ لأنه يجب إدخاله في المشار إليه ليتم التعليل، فاعتراض الشارح عليه بأنه كان عليه أن يذكره متجه، واعتذار السيد السند بأن المصنف لم يذكر رد الخطأ في الاشتراك، وما يتعلق به من التأكيد بوحده اعتمادا على المقايسة بما سبق ضعيف، أوجبه الغفلة عن التعليل، لكن اعتراضه بأن فاته التقديم في الإنشاء نحو: زيدا أضربه، أو لا تضربه، فإن اعتبار رد الخطأ فيه تكلف ضعيف جدا، لأن كلامه في الأبواب السابقة على الإنشاء في الخبر يدلك عليه ما ذكره في باب الإنشاء، حيث قال: تنبيه الإنشاء كالخبر في كثير مما ذكر في الأبواب الخمسة السابقة، فليعتبره الناظر، ومما يعجب قوله: إن الأحسن أن يقول: بدل لرد الخطأ؛ لإفادة الاختصاص، إذ إفادة الاختصاص أيضا لا تجري في الإنشاء إلا بتكلف؛ لأنها


(١) الكهف: ٢.
(٢) من كل متعلقات الفعل التي يجوز تقديمها عليه، وذلك كالظرف والجار والمجرور والحال ونحوها.
(٣) أو في اعتقاد الشركة، وذلك كقولك: «زيدا عرفت وحده» كما سبق في تقديم المسند إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>