للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إفادة ثبوت شيء لشيء ونفيه عن غيره، ولا يقبله الإنشاء (كقولك: زيدا عرفت لمن اعتقد أنك عرفت إنسانا، وأنه غير زيد) وهو مصيب في اعتقاد أنك عرفت إنسانا، ومخطئ في التعيين أنه غير زيد (وتقول لتأكيده) أي: تأكيد هذا التقديم، لا لتأكيد رد الخطأ؛ لأن المؤكد في المتعارف هو المفيد الأول، لا مفاده، ألا ترى أنك تجعل في: جاء زيد، زيد الثاني تأكيد الأول، فلا يغرنك قول الشارح المحقق، أي: تأكيد هذا الرد (لا غيره) أي: تقول لأجل إيراد المؤكد هذا اللفظ، لا أنك تقول لإيراد التأكيد زيدا عرفت، لا غيره كما ذكره الشارح، ولعل غرضه تعيين محل لا غيره في المركب (ولذلك) أي: ولأن التقديم لرد الخطأ في التعيين ونحوه مما راد على أصل اعتقاد الحكم (لا يقال ما زيدا ضربت ولا غيره)؛ لأنه يوجب التناقض، فإن ما زيدا ضربت، أثبت ضربك لغيره ونفاه ولا غيره (ولا ما زيدا ضربت، ولكن أكرمته) فإن (لكن) للرد إلى الصواب، ولا خطأ في اعتقاد عدم الصرب حتى يرد إلى الإكرام، بل في مفعول عدم الضرب، فالواجب فيه: ولكن عمرا، قال الشارح إلا أن تقوم قرينة على أن التقديم ليس للحصر، قلت: ألا يكفي قوله: ولا غيره، وقوله:

ولكن أكرمته قرينة على ذلك.

(وأما نحو زيدا عرفته (١)، فتأكيد أن قدر المفسر قبل المنصوب) إما لأنه في قوة عرفت زيدا عرفته، ففيه تكرار مفيد للتأكيد، وإما لأن فيه إبهاما قبل التفسير، وفيه مزيد التقرير (وإلا فتخصيص) اقتصر على التخصيص؛ لأنه لازم للتقديم غالبا فنزل التأكيد مع التقديم ها هنا لقلته منزلة العدم، وقوله: وإما نحو زيدا عرفته مرتبط بقوله: كقولك زيدا عرفت، وفي قوة وإما زيدا عرفته، فمحتمل للأمرين، وفيه رد على الكشاف حيث جزم بأنه للتخصيص، وقال هو أوكد في إفادة الاختصاص من إِيَّاكَ نَعْبُدُ (٢) ولا يبعد أن يكون في عبارة المصنف إشارة إليه، حيث جعله عين التخصيص مبالغة في كماله في التخصيص،


(١) نحوه كل ما يكون التقديم فيه من باب الاشتغال، وقد ذهب الزمخشري إلى أن التقديم فيه للتخصيص مطلقا، وإني أرى أنه لا يفيد إلا التوكيد؛ لأنه يفيد التخصيص من غير الاشتغال، فالعدول إليه لا يكون إلا لغرض غير التخصيص؛ ولأنه يجب تقدير الفعل قبل الاسم الظاهر ليوافق مفسره في تقدمه على الضمير.
(٢) الفاتحة: ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>