للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض الأمثلة المذكورة للمقابلة مما ذكر فيه الملحق بالطباق، ومنهم من تكلف، وقال: هذان الشيئان داخلان في الطباق إلا أن غيره من الطباق أغرق في التقابل، فنبه على التفاوت بذكر لفظ الإلحاق، وبهذا التكلف يندفع الأمان.

قال المصنف: وعليه قوله تعالى: جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ (١) فإن ابتغاء الفضل يستلزم الحركة المضادة للسكون، والعدول عن لفظ الحركة إلى لفظ ابتغاء الفضل يستلزم؛ لأن الحركة ضربان حركة لمصلحة وحركة لمفسدة، والمراد الأولى لا الثانية.

هذا وفيه أن السكون أيضا ضربان، فينبغي أن يعدل عنه، ويمكن دفعه بأن العدول عن الحركة إلى إيتاء الفضل يعين السكون للمصلحة، ويمكن أن يجعل نكتة العدول ما في ابتغاء الفضل من التنبيه على أن كل ما ينتفع به من فضل الله لا مدخل لسعي العبد حقيقة.

قال الشارح: ومنه قوله تعالى: أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً (٢) لأن إدخال النار يستلزم الإحراق المتضاد للإغراق، وقد مر ما يتعلق به، فتذكر.

(و) ثانيهما: الجمع بين معنيين غير متقابلين، غير أنهما بلفظين يتقابل معناهما الحقيقيان، كذا ذكره الشارح، وينبغي أن لا يخص إيهام التضاد بجمع ما يتضاد معنياهما الحقيقيان، بل بجعله منه ما يتضاد معنياهما المجازيان المشهوران، وإذا عبر عن المعنيين بهذين اللفظين أبرز المعنيان في صورة المتضادين، فالحسن راجع إلى المعنى بهذا الاعتبار، فلا يتوهم أن هذا جمع لفظين معنياهما متضادان، فالحسن عائد إلى اللفظ لا إلى المعنى، فلا يصح جعله من المحسنات المعنوية.

(نحو قوله) أي: دعبل كزبرج شاعر خزاعي رافضي [(لا تعجبي يا سلم) ترخيم سلمى، أو المراد: يا سالمة من العيوب، فيكون السلم بمعنى السّلام المستعمل في السالم (من رجل) يعني نفسه عبر عنه برجل؛ لتمكنه الوصف بالجملة (ضحك المشيب) هو كالشيب الشعر وبياضه.

قال الشارح: أي ظهر ظهورا تاما، فجعل الضحك كناية عن الظهور التام؛


(١) القصص: ٧٣.
(٢) نوح: ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>