و"الحدث" في اللغة الشيء الحادث، ثم نُقل إلى الأسباب الناقضة للطهارة، وقد مرت معانيه في كتاب الوضوء.
وهذا التعليق وصله إسماعيل القاضي في "الأحكام" بإسناد صحيح من حديث مجاهد عنه موقوفًا. ورواه أبو عبيد في كتابه "الطهور" بلفظ: "لا وضوء إلا من حدث أو صوت أو ريح"، ورواه أبو داود، وأحمد، والترمذي من طريق شُعبة.
وأبو هريرة مر تعريفه في الحديث الثاني من كتاب الإيمان.
ويُذْكَرُ عن جابرٍ أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- كانَ في غَزْوَةِ ذاتِ الرِّقاع فَرُمِي رَجُل بِسَهْمٍ فَنَزَفَهُ الدَّمُ فَركَعَ وَسَجَدَ وَمَضَى في صَلَاتِهِ.
قوله:"فرُمي رجلُ بسهم" محصل هذه القصة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نزل بشِعب، فقال:"من يحرُسُنا الليلة؟ " فقام رجل من المهاجرين ورجل من الأنصار، فباتا بفم الشِّعب، واقتسما الليل للحراسة، فنام المهاجري، وقام الأنصاري يصلي، فجاء رجل من العدوِّ، فرأى الأنصاري، فرماه بسهم، فأصابه، فنزعه، واستمر في صلاته، ثم رماه بثان، فصنع كذلك، ثم رماه بثالث، فانتزعه وركع وسجد وقضى صلاته، ثم أيقظ رفيقه، فلما رأى ما به من الدِّماء قال له: لم لا أنبهتني أول ما رَمَى؟ قال: كنت في سورة فأحببت أن لا أقطعها.
وسمّى البيهقي في "الدلائل" المهاجري عمار بن ياسر، والأنصاري عبّاد بن بِشْر، والسورة الكهف.
وعمّار مر تعريفه في تعليق بعد العشرين من الإيمان، وعبّاد بن بِشْر يأتي تعريفه في الثامن والستين من استقبال القبلة.
وقوله:"فَنَزَفَهُ الدَّمُ" يقال: نزفه الدم وأنزفه إذا سأل منه كثيرًا حتى يُضعفه، فهو نزيفٌ ومنزوفٌ.