للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأراد المصنف بهذا الحديث الرد على الحنفية في أن الدم السائل ينقُضُ الوضوء.

فإن قيل: كيف مضى في صلاته مع وجود الدم في بدنه أو ثوبه، واجتناب النجاسة فيها واجب. وأجاب الخطابي بأنه يُحتمل أن يكون الدم جرى من الجراح على سبيل الدَّفق، بحيث لم يُصب شيئًا من ظاهر بدنه وثيابه.

وفيه بعد. ويُحتمل أن يكون الدم أصاب الثوب فقط، فنزعه عنه، ولم يسِلْ على جسمه إلا قدر يسير معفوٌّ عنه.

ثم الحجة قائمة به على كون خروج الدم لا ينقض، ولو لم يظهر الجواب عن كون الدم أصابه، والظاهر أن البخاري كان يرى أن خروج الدم في الصلاة لا يبطلها، بدليل أنه ذكر عقب هذا الحديث أثر الحسن البصري الآتي قريبًا، وقد صح أن عمر صلى وجرحه ينبع دمًا.

وهذا الحديث وصله ابن إسحاق في "المغازي"، وهو صحيح أخرجه ابن حبان في "صحيحه"، والحاكم في "مستدركه"، وأبو داود وصححه، وابن خُزيمه في "صحيحه"، وأحمد في "مسنده"، والدارقطني في "سننه"، كلهم من طريق ابن إسحاق، عن صدقة، عن عقيل.

وصدقة ثقة. وعَقيل لا يُعرف راو عنه إلا صدقة، فلهذا لم يجزم به المصنف، أو للخلاف في ابن إسحاق.

ومر تعريف جابر بن عبد الله في باب الخروج في طلب العلم.

وَقَالَ الحَسَنُ: ما زالَ المُسْلِمَونَ يُصَلّون في جِرَاحَاتِهِمْ.

بكسر الجيم، وقال العيني منتصرًا لمذهبه: أي يصلون في جراحاتهم من غير سيلان الدم، والدليل على ما رواه ابن أبي شَيْبة في "مصنفه" عن الحسن بإسناد صحيح: إنه كان لا يرى الوضوء من الدم إلا ما كان سائلًا، قال: وهذا هو مذهب الحنفيه، وحجة لهم على الخصم.

<<  <  ج: ص:  >  >>