لَا يُتَصَوَّرُ تَحَمُّلُ الْمَأْمُومِ عَنِ الْإِمَامِ شَيْئًا مِنْ صَلَاتِهِ فَإِنْ قَالُوا: الْقِرَاءَةُ ذِكْرٌ مُمْتَدٌّ جُعِلَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ فَلَمْ يَجِبْ عَلَى الْمَأْمُومِ كَخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ , قِيلَ: الْقِرَاءَةُ عِنْدَكُمْ لَيْسَتْ بِذِكْرٍ مُمْتَدٍّ لِأَنَّهَا تُجْزِئُ مِنْهَا آيَةٌ وَكَذَلِكَ الْخُطْبَةُ غَيْرُ مُمْتَدَّةٍ عِنْدَكُمْ لِأَنَّهَا تُجْزِئُ مِنْهَا تَسْبِيحٌ أَوْ تَحْمِيدٌ فَالْوَصْفُ غَيْرُ صَحِيحٍ فِي الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ جَمِيعًا وَإِنْ تَرَكُوهُ بَطُلَتِ الْعِلَّةُ بِتَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ , ثُمَّ الْخُطْبَةُ لَا تَجِبُ عَلَى الْمُنْفَرِدِ فَلَمْ تَجِبْ عَلَى الْمَأْمُومِ , وَالْقِرَاءَةُ تَجِبُ عَلَى الْمُنْفَرِدِ فَوَجَبَتْ عَلَى الْمَأْمُومِ عِنْدَ الْإِمْكَانِ وَلَأَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يُشَارِكُ الْإِمَامَ فِي أَفْعَالِ الْخُطْبَةِ فَلَمْ يُشَارِكْهُ فِي أَذْكَارِهَا , وَالصَّلَاةُ يُشَارِكُ الْمَأْمُومُ الْإِمَامَ فِي أَفْعَالِهَا مِنَ الْقِيَامِ وَغَيْرِهِ فَجَازَ أَنْ يُشَارِكَهُ فِي أَذْكَارِهَا عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا فَإِنْ قَالُوا: الْوَفْدُ إِذَا قَدِمُوا عَلَى السُّلْطَانِ تَكَلَّمَ أَحَدُهُمْ , قِيلَ: بَاطِلٌ بِالتَّكْبِيرِ وَالتَّشَهُّدِ وَسَائِرِ أَذْكَارِ الصَّلَاةِ , ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَشْغَلُهُ سَمْعٌ عَنْ سَمْعٍ وَالْآدَمِيُّ بِخِلَافِ ذَلِكَ , وَأَمَّا التَّرْجِيحُ فَالِاحْتِيَاطُ لِأَمْرِ الصَّلَاةِ مَعَ مَنْ يُوجِبُ الْقِرَاءَةَ خَلْفَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ مَنْ أَوْجَبَهَا أَوْجَبَ عَلَى مَنْ تَرَكَهَا إِعَادَةَ الصَّلَاةِ , وَمَنْ لَمْ يُوجِبْهَا لَا يُوجِبُ عَلَى مَنْ قَرَأَ إِعَادَتِهَا , وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْقِرَاءَةِ الْوُجُوبُ فَمَنْ قَالَ بِوُجُوبِها عَلَى الْمَأْمُومِ بَنَى عَلَى الْأَصْلِ , وَمَنْ قَالَ بِسُقُوطِهَا يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ , وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الصَّلَاةِ أَنَّهَا مُمْتَنِعَةٌ لِلنِّيَابَةِ وَالتَّحَمُّلِ فَمَنْ قَالَ فِي رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِهَا أَنَّهُ يَقْبَلُ النِّيَابَةَ خَالَفَ بِهِ أَصْلَ الصَّلَاةِ وَلِأَنَّ الْعِبَادَاتِ عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحَدُهُمَا لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةِ كَالطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ , وَالْآخَرُ يَقْبَلُهَا كَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ فِي الْقَوْلِ الْآخَرِ فَكَانَتِ الْقِرَاءَةُ بِأَصْلِ الصَّلَاةِ وَالطَّهَارَةِ أَشْبَهُ لِأَنَّهَا إِلَيْهِمَا أَقْرَبُ وَلِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِلْمَالِ فِيهَا بِخِلَافِ مَا لِلنِّيَابَةِ فِيهِ مَدْخَلٌ لِدُخُولِ الْمَالِ فِيهِ , ثُمَّ الْعِبَادَةُ الَّتِي لِلنِّيَابَةِ فِيهَا مَدْخَلٌ يَفْعَلُهَا الْغِيَرُ فَتَكُونُ الْعِبَادَةُ عَنِ الْمَفْعَولِ عَنْهُ لَا عَنِ الْفَاعِلِ وَأَنْتُمْ تَجْعَلُونَ الْقِرَاءَةَ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْقَارِئ وَالْمَأْمُومِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْأُصُولِ , وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute