للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبعد الشفقة عليه، وعدم الحض على إطعامه والسهو عن الصلاة والمراءاة

بالأعمال، ومنع الحاجات كلها من شأن المكذب بالحساب والجزاء، لأن نفي البعد عنها إنما يكون إذ ذاك، فمن صدق به جرى في هذه الخصال على السنن المشكور والسعى المبرور، ومن كذب به لم يبال بها وتأبط جميعها، فتنزهوا أيها المؤمنون عنها فليست من صفاتكم في أصل إيمانكم الذي بايعتم عليه، فمن تشبه بقوم فهو منهم، فاحذروا هذه الرذائل فإن دع اليتيم من الكبر الذى أهلك أصحاب الفيل وعدم الحض على إطعامه فإنما هو فعل البخيل الذي يحسب أن ماله أخلده، والسهو عن الصلاة من ثمرات ألهاكم التكاثر والشغل بالأموال والأولاد، فنهى عباده عن هذه الرذائل التي يثمرها ما تقدم والتحمت السور.

[سورة الكوثر]

لما نهى عباده عما يلتذ به من أراد الدنيا وزينتها من الإكثار والكبر والتغرر

بالمال والجاه وطلب الدنيا، أتبع ذلك بما منح نبيه مما هو خير مما يجمعون وهو

الكوثر وهو الخير الكثير، ومنه الحوض الذي ترده أمته في القيامة، لا يظمأ من شرب منه، ومنه مقامه المحمود الذي يحمده فيه الأولون والآخرون عند شفاعته العامة للخلق وإراحتهم من هول الموقف، ومن هذا الخير قدم له في دنياه كتحليل الغنائم والنصر بالرعب والخلق العظيم، إلى ما لا يحصى من خير الدنيا والآخرة مما بعض ذلك خير من الدنيا وما فيها واحدة من هذه العطايا "قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (٥٨)

ومن الكوثر والخير الذى أعطاه الله كتابه المبين الجامع لعلم الأولين والآخرين، والشفاء لما في الصدور، ولما كمل له

<<  <   >  >>