للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ (١٣) فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ} .

الزجرة الصيحة، وأكثر ما تكون في سوق الكلب والبهم والدواب، ويلحظ فيها معنى الإذلال، من قولهم: تركه بمزجر الكلب. وناقة زجور: لا تدر لبنها حتى تزجر. كما استعملوا الزجر في التأنيب أو الردع، ومنه في القرآن الكريم آية القمر ٤:

{وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ (٤) حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ} .

وجاءت "زجرة" مرتين:

آية الصافات ١٩: {فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ} .

وآية النازعات.

والآيتان مكيتان، ووحدة السياق فيهما تجعلنا نطمئن إلى أن الزجرة فيهما ليست مجرد صيحة، وإنما هي صيحة فيهل كل ما يحتمل الزجر من قهر وردع وهوان، مع ملحظ قريب من المعنى الحسي الأصيل للمادة، من قولهم زجر الكلب إذا ساقه! دون تحديد هذه الزجرة "بأنها النفخة الثانية يبعث بها الأموات" كتأويل الزمخشري.

والمفأجاة فيها صريحة بإذا، وهي تناسب الزجرة الواحدة. وبغتة القيامة، وتتسق بيانياً مع حركة الخيل في صدر السورة، وعنف معاناتها لتنطلق ناشطة سابحة. إلى حسم معركة وتدبير أمر.

ولشد ما تكلف المفسرون في تأويل الساهرة!

قيل: هي الأرض البيضاء المستوية، سميت بذلك لأن السراب يجري فيها، من قولهم: يمين ساهرة، اي جارية الماء! قاله الزمخشري. ومثله الشيخ محمد عبده.

وقيل: هي جهنم، عن قتادة (الكشاف والبحر) .

وعن إبن عباس: هي أرض من فضة، يخلقها الله تعالى (جاء في البحر) .

وعن وهب بن منبه: جبل بالشام يمده الله يوم القيامة لحشر الناس!

وقيل: بل هي أرض مكة، أو أرض قريبة من بيت المقدس.

<<  <  ج: ص:  >  >>