ولا أعرف أنهم اختلفوا في أن {هَذَا الْبَلَدَ} . المقسم به في الآية، هو "مكة".
ونضيف من الاستقراء، أنه حيثما جاء {هَذَا الْبَلَدَ} في القرآن الكريم، مفرداً معرفاً بـ: ال، مشاراً إليه بهذا، فإن الإشارة تعين أن "ال" للعهد، وهذا البلد هو مكة. في آيتى البلد:
{لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (١) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ} وآيتى:
التين ٣: {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} .
إبراهيم ٣٥: {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا} .
وجاء البلد، بغير اسم الإشارة، في آية الأعراف ٥٨ وليست خاصة بمكة، بل عامة لجنس البلد الطيب:
{وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا}
أما بلد، بالإفراد والتنكير، فقد جاء مرة في دعاء إبراهيم لمكة: في آية البقرة ١٢٦:
{رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا} .
وثلاث على العموم المستفاد من التنكير مع قيده بالوصف، في آيات:
النحل ٧: {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ} .
فاطر ٩: {وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ} . ومعها آية الأعراف ٥٧.
ومن هذا التتبع، نرى أن تخصيص "البلدط بمكة في القرآن، لا يطون إلا معرفاً بـ: "ال" للعهد، وباسم الإشارة الذي يفيد التعيين والاختصاص والإحضار.
* * *
وسبقت الإشارة في {لَا أُقْسِمُ} إلى قول ذكره أبو حيان في تفسير