السورة مكية بلا خلاف، وهي السادسة عشرة في ترتيب النزول، على المشهور. نزلت بعد تالكوثر. ولا يخطيء الحس فيها سيطرة جو الوعيد والإنذار، يعمد فيه البيان القرآني إلى الإيجاز الحاسم مع التأكيد الجازم، تقوية للردع وبلاغاً للوعيد.
وقد ربطها بعض المفسرين - كالنيسابورى - بسورة القارعة، لكن التكاثر نزلت قبل القارعة بثلاث عشرة سورة، فلا وجه لربطهما، إلا أن يكون ملحوظاً في ترتيب وضعهما في المصحف، تشابه الجو الإنذاري المسيطر على السورتين كلتيهما. ولا تنفردان بذلك بل تشاركها فيه سور وآيات كثيرة، وبخاصة تلك التي عرضت لمواقف في البعث والحشر، وأنذرت بيقين الحساب والجزاء.
لكن "الرازي" أخرجها من الإخبار إلى الاستفهام بمعنى التوبيخ والتقريع. والخبرية هنا أوقع في الزجر وأبلغ في الوعيد، بما تشهد به على أن إلهاء التكاثر إياهم زاقع قد كان فعلاً، وليس المقام مقام استفهام، وإنما هو مقام بيان لما وراء هذا التكاثر العقيم الخاسر الذي ألهى وشغلهم عن التفكير في المصير.
واللهو لغة، ما يلهى الإنسان. ولعل أصل استعماله في اللهوة وهي ما يلقيه الطاحن في غم الرحى بيده ويشغلها به فلا تدور على هواء.
ولا يترادف اللهو والمشغلة في القرآن الكريم، بل يأتي الشغل بالمجدى وغير المجدى, أما اللهو فلا يكون إلا بغير المجدى. وهو ما التفت إليه "الراغب" حين فسر الإلهاء في سورة التكاثر. بالإشتغال عما هو أهم. وعند "الرازي" أنه الإنصراف إلى ما يدعو إليه الهوى.
وقال أبو هلال العسكري في (الفروق اللغوية) : "اللهو لعب، واللعب قد يكون ليس بلهو".