ومثلها السؤال التقريري، خطاباً للجمع، في آيات الواقعة:
{أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (٥٨) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ} ؟
{أفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (٦٣) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} ؟
َ {أفرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (٦٨) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (٦٩) لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ (٧٠) أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (٧١) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ} ؟
ومعها آيات: يونس ٥٩، الشعراء ٧٥، فاطر ٤٠، الزمر ٣٨، النجم ١٩، الأحقاف ٤.
هي إذن ظاهرة أسلوبية، كان ينبغي أن تلفت إلى وجه في البيان العربي يستغنى عن المفعول الثاني لـ "رأى" حين تقترن بهمزة الاستفهام في الخطاب، فلانشغل بالتماس هذا المفعول الثاني خضوعاً للصنعة النحوية، بل أولى منه أن نتدبر سر هذه الظاهرة الأسلوبية التي لا تتخلف في آيات العلق:
{أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (٩) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (١٠) أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (١١) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (١٢) أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٣) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} ؟
فلفتت إلى ما هو جدير بالرؤية والبصر والتدبر، وأغنت عما تعلق به النجاة من مفعول ثان مقدر أو غير مقدر، يختلفون عليه.
والأمر كذلك في جواب شرط {إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى}
إذا كانت قواعدهم تحتم ذكره أو تقديره، ثم نواجه بما يخالف قاعدة نحوية أخرى تقضى باقتران الجواب الطبي بالفاء.
فإن البيان القرآني جدير بأن يلفتنا إلى وجه التجاوز عن ذكر جواب الشرط في مثل هذا الأسلوب، لتكون آية {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} هو موضع العبرة والبصر والتنبيه، بما يغني عن التعلق بجواب محذوف أو مقدر.
ومثله في القرآن الكريم، آيات الآنعام:
{قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ٤٠.