أما صيغة الحق فجاءت نحو مائتين وسبع وعشرين مرة، كلها في المعنى الديني، إما مقابلة للباطل، أو اسماً من أسماء الله الحسنى، أو للوحي والدين. ويوصف بالحق وعد الله، وقوله، وكلماته.
ولا يخرج عن هذا السياق الديني، ما فرض الله على ذوي المال من حق معلوم لمن يستحقونه، وما شرع من حقوق في الميراث والزواج والطلاق، بما لهذه الحقوق من حرمة دينية تجعلها من حدود الله.
وسمى يوم القيامة:{الْحَاقَّةُ} .
وذلك كله مما يضفى على كلمة "الحق" مهابة وجلالاً، ويؤكد حرمتها في التواصي بالحق.
والتواصي: أن يوصى بعضهم بعضاً.
والأصل اللغوي للمادة يعطي معنى قوة الإرتباط والإتصال: فالوصاة والوصية جريدة النخل يحزم بها. ووصت الأرض أتصل نباتها. ومن جاءت الوصية فيما يعهد به الموصى ليصل إلى من ينبغي أن يتلقاه: أوصاه ووصاه، عهد إليه. وتواصى القوم بأمر أوصى به أولهم آخرهم. والوصية ما يتركه الآباء وذوي القربى....
وفي القرآن الكريم جاء الفعل وصى وأوصى، اثنتى عشرة مرة، فيما أوصى به سبحانه رسله وعباده. وغلب مجئ الوصية بمعناها المعروف فيما يوصي به الراحلون عن الدنيا، مع حرمة دينية يسبغها القرآن على الوصية بالحق في حدود ما أمر به الله.
أما التواضي فجاء في القرآن خمس مرات، كلما بصيغة الفعل الماضي. وإحداها في سياق الاستفهام الإنكاري لموقف أمم خلت من رسل الله إليهم، وكأنهم تواصوا بالتكذيب: