السورة مكية مبكرة، والمشهورفي ترتيب نزولها أنها تاسعة السور، نزلت بعد سورة الأعلى، ثم نزلت بعدها على الترتيب سورتا الفجر والضحى.
وقد ربطها بعضهم بسورة الشمس التي قبلها في ترتيب المصحف، قالوا:"ولما ذكر فيما قبلها، أي الشمس: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (٩) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} ذكر هنا من الأوصاف ما يحصل به الفلاح وما تحصل به الخيبة، ثم حذر النار وذكر من يصلاها ومن يتجنبها".
وهذا الربط قديلفت إلى ملحظ في ترتيب السورة في المصحف ووضعها بعد الشمس. وأما من حيث النزول فإن سورة الشمس نزلت بعد الليل لا قلبها، فهي السورة السادسة والعشرون على المشهور في ترتيب النزول، فبينها وبين سورة الليل قبلها، ست عشرة سورة.
وقيل إنها نزلت في أبي بكر الصديق وإنفاقه ماله على المسلمين، وأمية بن خلف وبخله وكفره. وفي قول آخر إنها نزلت في أبي الدحداح الأنصاري، ورووا قصة النخلة التي عرض الرسول - صلى الله عليه وسلم -، على أحد المنافقين، أو اليهود، أن يبيعها بنخلة في الجنة فأبى، واشتراها أبو الدحداح.
والعبرة على كل حال بعموم اللفظ، والسياق صريح التوجيه إلى عامة الناس {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} .
وتقارب سور (الليل والفجر والضحى) في النزول، يجلو الظاهرة الأسلوبية التي يعمد فيها البيان القرآني إلى جلاء المعنويات بماديات من النور والظلمة في مختلف درجاتهما على مدى اليوم الواحد، من غشية الليل وتجلي النهار، وإشراق الضحى وسجو الليل، وتألق الفجر ومسرى الليل وتنفس الصبح.
ويتتابع الوحي من بعد ذلك فيؤصل هذه الظاهرة البيانية فيما يجلو من معوويات الهدى والضلال، بحسبات النور والظلمات.