ففي تفسير الرازي والبحر المحيط، أنهما آدم وحواء، أو هما كل ذكر وأنثى من بني آدم، أو من كل حيوان على اختلاف أنواعه، ذكره وأنثاه.
والتفت ابن القيم إلى التقابل بين المقسم به في آيتى (الليل) واتجه به إلى بيان وجه الإعظام، قال:
"قابل بين الذكر والأنثى، كما قابل بين الليل والنهار. وكل ذلك من آيات ربوبيته، فإن إخراج الليل والنهار بواسطة الأجرتم العلوية، كإخراج الذكر والأنثى في الأجرام السفلية".
على أنه عاد فربط بين هذه المتقابلات على وجه آخر، هو أنه سبحانه "أقسم بزمان السعي وهو الليل والنهار، وبالساعي وهو الذكر والأنثى، على اختلاف السعي وهو الليل والنهار، وبالساعي وهو الذكر والأنثى، على اختلاف السعي كما اختلف الليل والنهار والذكر والأنثى، وسعيه وزمانه مختلف وذلك دليل على اختلاف جزائه وثوابه".
وهذا على قربه، لا يبدو متصلاً بما ذره آنفاً من أجرام علوية وسفلية.
* * *
ونركز اهتمامنا على تدبر ما يسيطر على السورة كلها من ملحظ التقابل والتفاوت، يبدأ باللفت إلى ما هو حسي مدرك في تفاوت ما بيت غشية الليل وتجلي النهار، وخلقه الذكر والأنثى، توطئة إيضاحية لبيان تفاوت مماثل في سعي الناس: بين من أعطى وأتقى وصدق بالحسنى، ومن بخل واستغنى وكذب بالحسنى، ثم تفاوت الثواب والعقاب في الأخرى: بين الأشقى يصلى ناراً تلظى، والأتقى الذي يجنبها بما ابتغى وجه ربه الأعلى، ولسوف يرضى.
فعلى نحو ما يتفاوت الليل إذا يغشى بظلماته، والنهار إذا تجلى بضيائه يتفاوت سعي الناس في الدنيا بين ذلال وهدى:
{إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} .
والسعي في اللغة المشى، لحظ فيه أن الساعي يبتغي عملاً أو يتجه إلى مقصد يدأب فيه، فكان السعي بمعنى العمل مع القصد والدأب.