وتدل آية البقرة على أن علامة مطلع الفجر، أن يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، إيذاناً بإنبثاق النور في الظلمة، كما تدل آية الإسراء على أن الفجر بعد غسق الليل.
والغسق ظلام مختلط ببوادر النور في آخر الليل. أو بقايا الضوء بعد مغيب النهار وغروب الشمس.
من ثم لا نرى وجهاً لتفسير الفجر بأنه النهار كله كما في "الطبري" عن "ابن عباس" وإنما هو الفجر المعهود عند تبين الخيط الأبيض من سواد الليل، وقد رده "الراغب" إلى معنى الشق "كما في تفجير الأرض عيوناً وأنهاراً، ومنه قيل للصبح فجراً لكونه فاجر الليل، والفجور شق في ستر الديانة".
ونؤثر أن نرده كذلك إلى دلالة الإنبثاق والإنبعاث، يكون حسياً بشق متعمد، كما يكون تلقائياً كالإنفجار، ومعنوياً في الفجور والإنبعاث المجازي.
وتأوله عدد من المفسرين في سورة الفجر، على الإضافة إلى محذوف اختلفوا في تقديره: قيل، ورب الفجر، أو وقرآن الفجر، على ما نقل الإمام الطبري، ومثله عند النيسابورى والزمخشري.
وخصه قوم بفجر بذاته، اختلفوا كذلك في المراد به" قيل هو "فجر النحر لأنه يوم الضحايا والقرابين" أو هو "فجر المحرم لأنه أول يوم من كل سنة، أو عنى بالفجر العيون التي تنفجر منها المياه وفيها حياة الخلق" (الرازي) .