وأصل اللم في اللغة، جمع الشتيت والمشعت. واللمة الجماعة تأتي من جهات شتى. وألم بهم جاء من غير وجه متوقع، ومنه استعمل في المصائب الملمات. واللمم خبال يلم بالعقل، والملموم المجنون.
واستعمل اللمم في صغار الذنوب، مما لا يظن أنها تدخل في الحساب.
وكونهم يأكلون التراث أكلاً لماً، فيه ملحظ من مادية الأكل ومذاق طعمه، فيمن يتهالكون على انتهاب التراث وجمعه دون نظر إلى وجهه ومصدره. والعرب تقول لملمت ما على الخوان، إذا أكلته كله فأتيت عليه.
وقد تأوله المفسرون بأنه:"الاعتداء على الميراث. يأكل الإنسان فيه نصيبه ونصيب غيره، وكانوا لا يورثون النساء والصغار، فيأكلون نصيبهم يقولون: لا يأخذ الميراث إلا من يقاتل ويحمي الحوزة".
وقيل: كانوا يأكلون ما جمعه الميت من أموال الظلمة والبطالين، وهو عالم بذلك.
وأخذه "الراغب" من: لممت الشيء جمعته ولممت شعثه.
وأولى منه ما اختره "الإمام الطبري" وهو أكل الميراث لا يسأل عن وجهه ولا يدري أحلال هو أم حرام، إرضاء لشهوة حب المال.
وبهذا البيان المحكم، ترتبط الآيات التي لفتت ذا حجر إلى مصير الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد، بفتنة المال وشر الفردية التي لا يعنيها إلا التكالب على حطام الدنيا في أثرة خاسرة تهين اليتيم ولا تخض على التكافل الإجتماعي، وأكل التراث أكلاً لما لا يميز بين طيب منه وخبيث، بين حلال وحرام، وحب المال حباً جماً يعطل الضمير ويعشى البصيرة ويحجر القلب.