وهذا هو كل ما في القرآن الكريم من مادتي الهمز واللمز.
* * *
ولا خلاف، أعلمه، بين اللغويين والمفسرين، في أن مثل صيغة همزة ولمزة، تستعمل فيمن يكثر منه فعلها حتى كأن ذلك عادة منه قد ضرى بها. . .
ولكنهم لم يتفقوا على الدلالة، فمنهم من لا يفرق بين الهمزة واللمزة.
ومنهم من يجعل الهمز للتحقير والعيب في الغيبة، أو التعريض بالإشارة والكلام المبهم، أما اللمز فهو التحقير والهزء صراحةً ومواجهةً.
ومنهم من عكس الوضع، فجعل اللمز في الغيبة، والهمز في المواجهة والحضور.
ونحتكم إلى القرآن الكريم فيجلو لنا الفرق بين اللفظين في الدلالة، حين يستعمل الهمز لوسوسة الشيطان (المؤمنون) والنميمة (القلم) .
وفيهما الخفاء والغيبة.
أما اللمز فيستعمله مع التنابز بالألقاب (الحجرات) وفي الاعتراض على تقسيم الصدقات (التوبة) .
ولا يكون ذلك إلا مواجهةً.
وهذه التفرقة تؤكد أصالة الاستعمال اللغوي الذي فرقت فيه العربية بين المادتين:
فاستعملت اللمز في الضرب والطعن.
واستعملت الهمز حسياً في الهمزة للنقرة والمكان المنخسف، والمهماز حديدة في مؤخر خف الذي يروض الفرس، والمهامز مقارع النخاسين ينخسون بها الدواب والرقيق. ولا يكون النخس في العربية إلى في مؤخر الدابة أو جنبها دون وجهها وصدرها.
وبهذا كله نستأنس في فهم الآية، فلا نذهب مع الشيخ محمد عبده إلى "أن الهمز