جائزٍ على قول أحدٍ من الأمّة، وممّا قد قامت الأدلّة على بطلانِه وكذب كلّ
من ادّعى ذلك لنفسه من الخلق أو لغيره من الخلق، ولو كان إلى الأنبياء
والمؤمنين هدايةُ الخلق بما يهديهم إليه سبحانَه به ليهدوا الناسَ أجمعين
ومن آثروا إيمانَه وكَرِهوا إضلاله.
وكيف يكونُ ذلك كذلك واللهُ تعالى يقولُ لرسوله:(إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) .
وقال له: أفتراه إنّك لا تأمرُ من أحببت ولا تَدعوه إلى كلمةِ الحقّ ولا تزينُ له الصواب، ولا ترغبُ وترهّبُ مع إخباره عنه بأنّه موضعٌ لرسالته، والأداء عنه، هذا ممّا لا يقولُه مسلمٌ ولا ملحدٌ لأن الكلّ قد اتّفقوا على أنّه عليه السلام بين وأنذرَ وحذّر، وإنّما قال له:(إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) ، أي ليس إليك هدايَتُه بشرحِ - الصدرِ وتوسعته وتطهير القلب، وخلقُ الإيمان فيه وتسهيله عليه ولذلك روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال:"بُعثتُ داعياً ومبلغا، وليسَ إليَّ من الهدى شيء، وخُلقَ إبليس مزيّناً وليسَ له من الإضلال شيء"(١) .
وقد ورد القرآنُ بتصديق هذا في قوله:(إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) .