للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثلاثة، أو أثبت له الولد جاهلاً، أم من قال إن الله ميت، أو غير موجود، أو جاهل، أو منزوع الإرادة؟ تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً - وأترك للمخالفين حرية الاختيار في الرد.

وإما أن يكون الرجل قد وقع في جهل صورة من صور القدرة لا يستلزم الجهل بها الجهل بالذات. وعلى هذا يكون الاستدلال بالحديث خارجاً عن محل النزاع.

الوجه الثالث: أن للحديث تفسير على ظاهره وقد تحتم المصير إليه لدى طائفة من العلماء - فراراً من التأويل٠ يخرج به هذا الرجل عن: الجهل بالقدرة، وعن الشك في المعاد.

قال الشيخ محمد زكريا الكاندهلوي بعد أن ذكر تأويلات العلماء لظاهر هذا الحديث:

قلت: والأوجه عندي أنه حسب أن الله عز وجل لو وجده في حاله لعذبه شديداً لكنه إذا وجده محترفاً مفترقا فلعله رحمه، لتحمله تلك المشاق والشدائد كما هو دأب الموالي الكرماء فإنهم إذا وجد أحدهم عبده المسيء في مرض أو شدة رحم عليه، وإن كان قبل ذلك غضبان عليه. ثم رأيت أن الطحاوي ذكر نحوه في مشكله وكذا النووي في شرح مسلم" (١).

الوجه الرابع: تأويل عامة العلماء لظاهر هذا الحديث يدل بيقين على مصادمة ظاهره لقاعدة كلية مقررة لديهم؛ وإلا لقالوا: هذا الرجل شك في قدرة الله، وفي البعث، وكان جاهلاً فعذر بجهله، وكفونا وأنفسهم مؤنة التأويل التي لا يذهبون إليها إلا في حالة الضرورة عندما يستحيل عليهم الجمع بين النصوص.


(١) أوجز المسالك إلى موطأ مالك: (٤/ ٣٠٢).

<<  <   >  >>