نقولا بيرون Perron. وهو كمدير كان يعين من قبل وزير الحربية. وبيرون مستشرق له حياة متنوعة، درس العربية والطب وحياة الشرق، وترجم عدة مصادر إسلامية من بينها مختصر الشيخ خليل في الفقه، وبعض التجارب الطبية العربية، وحياة المرأة العربية قبل الإسلام. وعاش في القاهرة، وتولى بها مدرسة الطب، وكانت الثقافة الفرنسية في مصر قوية منذ عهد محمد علي باشا. ولذلك فإن عددا من الذين سبقت لهم التجربة في مصر جيء بهم إلى الجزائر لتشابه الحياة والظروف في البلدين. وقد تناولنا سيرة الدكتور بيرون في فصل الاستشراق.
وفي سنة ١٨٦٤ خلفه في إدارة المعهد المستشرق شيربونو الذي كان على رأس حلقة اللغة العربية في قسنطينة، كما كان شيربونو يلقي دروسا في الفرنسية للراغبين فيها من الجزائريين الموظفين. أما معهد قسنطينة فتولاه السيد (أوبن) سنة ١٨٦٩. ويشترط في المعلمين الجنسية الفرنسية سواء كانوا فرنسيين بالأصالة أو متجنسين، ولا يقبل في المعهد غير هؤلاء بمن فيهم الجزائريون. وكلهم كانوا تحت رقابة الحاكم العام. ويشترط فيهم أيضا معرفة اللغة العربية الدارجة وعادات أهلها. والحاكم العام هو الذي كان يرشح للوزير أسماء المعلمين ليقوم بتعيينهم. وكان المؤدب أو المعلم للقرآن في المعهد عندئذ هو الشيخ (أحمد؟) بوقندورة، وهو اسم ظل يتردد إلى فاتح هذا القرن، لأن عائلة بوقندورة قد تولت وظائف عالية أيضا كالإفتاء. ولاحظ أحد التقارير أن هذا المؤدب (سنة ١٨٦٥) كان لا يعرف الفرنسية ولا الحساب، وطالب بأن يعين شاب فرنسي إلى جواره (١).
وبعد التخرج يحصل التلاميذ على شهادة تؤهلهم لبعض الوظائف الدنيا. وهي وظائف مدنية وعسكرية. فهم إما يتجهون لأداء الخدمة
(١) أرشيف إيكس (فرنسا)، ١٧٣٢ F ٨٠. والتقرير كتبه من مرسيليا إلى الوزير السيد أوريلي orielle في ٥ جوان (يونيو)، ١٨٦٥. انظر كذلك زوزو (نصوص)، مرجع سابق، ٢٢٠. ترى ماذا ستكون مهمة الشاب الفرنسي: هل سيعلمه الصلاة أو يحفظه القرآن؟! عن عائلة بوقندورة انظر فصل السلك الديني والقضائي.