نوفو، الكتاب الذي ذكرناه، ولعله استقى معلوماته من زوجته الجزائرية ومن دوره في المكاتب العربية، ومن (أصدقائه) الجزائريين الساذجين، وكان على الفرنسيين أن يتصدوا لهذه الطرق التي اعتبروها عدوهم الذي لا يقهر، فجندوا لها الجيش ولكن بأسلحة أخرى لتشتيت الصفوف وتمزيق الوحدة داخل الطريقة الصوفية الواحدة، والكشف عن أسرارها بجلب ضعاف النفوس إليهم من بعض الطرق، واستعمال العصا والجزرة معا، وشراء الذمم، وتحالف بعض الطرق معهم، وتزويج بعض رجالها من فرنسيات، ونحن نذكر هذه العموميات هنا لأننا سنرى ذلك مفصلا عند الحديث عن كل طريقة وكيف تعاملت هي أو تعامل معها الفرنسيون للوصول إلى ذلك الهدف، وهو القضاء على الثورات من جهة والتحكم في سير وتطوير المجتمع الجزائري من جهة أخرى.
ومن الإجراءات الأولى التي اتبعها الفرنسيون هو اللجوء إلى ضعضعة وحدة الطريقة الخطيرة في نظرهم، بجعلها تتفرع إلى فروع، وعدم تبعية فروعها إلى شيخ واحد (قائد واحد، إذا شئت) يصدر التعليمات في الحرب والسلم، وكان ذلك بالخصوص هو مصير الرحمانية بعد ١٨٥٧ و ١٨٧١، كما ذكرنا، وكذلك هو مصير القادرية والدرقاوية، سيما وأن الأولى ترجع بسلساتها الذهبية إلى بغداد والثانية إلى فاس.
ولم يأت آخر القرن (سنة ١٨٩٧) حتى أعلن المختصون الفرنسيون أن الرحمانية قد تمزقت إلى ٢٥ فرعا، لا يعترف أحدها بالآخر، أي كل فرع كان له شيخ مستقل، رغم الأصل الواحد (وهو زاوية آيت إسماعيل التي خربها الفرنسيون سنة ١٨٥٧) والمبادئ الواحدة، ومن هذه الفروع:
١ - فرع الهامل (بوسعادة) وشيخه محمد بن أبي القاسم.