للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التجانية وأكثر تجذرا بين السكان، ورأيا أن التبعية للأمير غير مناسبة لهما، ولذلك رفضا الانضمام إليه رفضا رسميا (١). ولكن هذا التفسير يلقي الأضواء على رأي الفرنسيين عندئذ في العلاقات بين الطرق الصوفية أكثر مما رأى التجاني في سياسة الأمير.

ونفهم من كلام رين أن الرفض كان بسبب الهجوم على عين ماضي من قبل الأمير، ونحن لا نظن ذلك، لأسباب منها أنه لو التزم كل منهما (التجاني والتماسيني) الحياد الفعلي لما هاجم الأمير ربما، مقر التجانية، فقد سبق لطرق أخرى أن أعلنت الحياد، كالشيخية (وهي أكثر أهمية من حيث العدد والموقع من التجانية) والدرقاوية، ومع ذلك لم يهاجمهما الأمير، ومن جهة أخرى، نعلم أن مشيخة الطريقة التجانية عندئذ كانت في تماسين (الحاج علي) وليس في عين ماضي (محمد الصغير) الذي لم يأخذ هذه المشيخة إلا بعد وفاة الحاج علي سنة ١٨٤٤، وكانت تبعية إخوان التجانية بالتالي لتماسين وليس لعين ماضي، فكان الأولى بالأمير والحالة هذه أن يهاجم تماسين، وكان يمكن لخليفته في الزيبان أن يقوم بذلك لو أصدر له الأمر، ولكن ذلك لم يحدث، فلم يبق إلا الموقف الذي أشرنا إليه وهو الاتصالات التي جرت بين الشيخ محمد الصغير التجاني والسلطات الفرنسية والتي تشير رسالة الأمير إلى أنه اكتشفها عن طريق مخابراته، وقد أكدت ذلك المراسلة التي دارت بين المارشال فاليه ومحمد الصغير التجاني.

ومع ذلك فمن حق الباحث أن يسأل: ماذا لو أن الأمير لم يهاجم عين ماضي، وهي بعيدة إلى ذلك الحين عن مراكزه وعن مراكز الفرنسيين معا ولم يكن قد انتقل بعد إلى تاكدمت أو اضطر إلى ترك المدن الداخلية كتلمسان ومعسكر ومليانة الخ؟ وكان الجزائريون ينضمون لحركة الجهاد بالغريزة وبالمجاورة وتبعا للمصالح المشتركة، فكيف نتصور أن (أحباب) التجانية في مناطق الأمير لم ينضموا إلى حركة الجهاد؟ وهل في استطاعة أي قائد،


(١) رين، مرجع سابق، ص ٤٢٣ - ٤٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>