للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحف ذات الاتجاه الإصلاحي التي ظهرت خلال هذا العهد هجوم قوي على الظاهرة المرابطية والشعوذة والبدع والخرافات التي كان يمارسها الأشياخ، والموقف السياسي لهم وتبعيتهم للإدارة، وتضليل الناس عن الدين، ونشر الخرافة والتخدير بين الناس بممارسات معينة كالحضرة والذبائح والزيارات والكرامات، وكانت الإدارة تراقب هذا التحول في المجتمع وتدرس عواقبه وتعرف أنه سيزعزع جذور الطرق الصوفية التي طالما حاربتها وخافت من خطرها.

وعندما تقدمت (جمعية العلماء المسلمين الجزائريين) بطلب التأسيس سنة ١٩٣١ لم تمانع السلطات الفرنسية في ذلك، بل إن بعضهم قد لاحظ السرعة التي تمت بها الموافقة، وكان الجو الذي خلقه الاحتفال المئوي يبرر هذه الموافقة، ربما، لأن الجزائريين تذمروا كثيرا من غطرسة الفرنسيين بعد قرن من الاحتلال والتحكم، ولاحظت ذلك صحفهم، حتى المعتدلة منها، ففي الموافقة على طلب العلماء تفريج لهذا التوتر، ولكن الموافقة تخدم أغراضا أخرى للإدارة أيضا، فقد أعلنت الجمعية في قانونها الأساسي أنها تقبل بعضوية (العلماء) غير الموظفين، ومن هؤلاء بعض رجال الطرق الصوفية، وأن انضمام عناصر من هذه الطرق إلى الجمعية كان يخدم موقف فرنسا المعلن منذ آخر القرن الماضي وهو (تذويب) الطرق في غيرها وإحلال البديل محلها طبقا لمقتضيات التطور الاجتماعي والسياسي، والغرض الآخر الذي تخدمه الموافقة على إنشاء جمعية العلماء هو أن النشاط الشيوعي كان قويا في الجزائر وهو يحاول أن يحتوي العناصر الأهلية المستعدة لممارسة السياسة والهجوم على الامبريالية والاستعمار، فميلاد جمعية العلماء المتحمسة للنهضة الإسلامية والمعتمدة على السلفية والإصلاح الديني سيكون حاجزا ضد توغل التنظيم الشيوعي في الأوساط الأهلية، في نظر الإدارة، ولكن هذه التوقعات لم تكلل بالنجاح المطلق، لقد كان على رأس الإدارة الأهلية عندئذ جان ميرانت الضابط المختص في قضايا الجزائر الإسلامية، وهو الذي كان يعمل مترجما في الحكومة العامة منذ آخر القرن

<<  <  ج: ص:  >  >>