للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإدارة المدنية، فشرعت في هدمه ودام ذلك، كما يقول ديفوكس، ثمانية عشر شهرا. وقد دخل الجزء الكبير من ترابه في الطريق العام، ودخلت أطرافه في المنازل المجاورة مثل دار بازار فيالار. وكان يقع في شارع شارتر (١).

وقد تحدث بيربروجر في كتابه (الجزائر المصورة والتاريخية والأثرية) عن جامع الحاج حسين باشا فقال إنه كان أحد المعالم العربية لمدينة الجزائر التي يأسف المرء على هدمها. وقد وصفه كما وصف منارته التي قال إنها تقع في أحد أطرافه جهة باب عزون. وكانت مزينة بالزليج، وكانت تتصاعد في الجو برشاقة وأصالة. ولها ثلاثة أدوار وتقوم على أربعة أعمدة. واعتبر بيربروجر هذا الجامع من المباني العظيمة من الوجهة العمرانية (٢). وكان بيربروجر معاصرا لهدم هذا الجامع وغيره، لأنه جاء الجزائر سنة ١٨٣٥، على أنه أثرى.

ولكن هذه الكلمات التأسفية التي تخرج أحيانا من أفواه بعض الكتاب، مثل بيربروجر وديفوكس وأوميرا، ما هي إلا من نوع البكاء على الأطلال، وهي في الواقع لا تصل حتى إلى البكاء.

٥٠ - مسجد سويقة عمر: إن أقدم المعلومات عنه نرجع إلى سنة ١٠٣١ (١٦٢١)، فهو إذن من المساجد القديمة التي عاشت دهرا ولم تبل، ومع ذلك فإن الفرنسيين هدموه سنة ١٨٦٩ من أجل الأمن العام، ودخل ترابه في الطريق العام (٣). ولا ندري لماذا أبقوه إلى ذلك التاريخ بينما غيره هدموه منذ البداية.


(١) ديفوكس، ١٩٣ - ٢٠٠. وقد أطال هذا المصدر في وصف أوقاف الجامع ووثائقه ووكلائه الخ. واكتفينا نحن هنا بما يوفي بالغرض. انظر التاريخ الثقافي، ج ٢.
(٢) أشار إلى ذلك ديفوكس، ص ٢٠٠ هامش ١. ناقلا من كتاب بيربروجر المذكور، ج ١، ص ٥٨. وعن حياة بيربروجر في الجزائر انظر فصل الاستشراق.
(٣) ديفوكس، ٢٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>