للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دعوته للحديث إلى أعضاء الجمعية قد شفاه من (جراحاته الغزيرة). وقد وعد بأنه عند رجوعه إلى بلاده سيحدث قومه عما رأى في فرنسا من مشاعر وحضارة (١).

وبعد حوالي سنة نشر أحمد بن بريهمات كراسة بالفرنسية عن مرسوم ١٣ فبراير ١٨٨٣ حول التعليم والمسلمين الأهالي. ورأى أن المسلمين قد انقسموا حول ذلك المرسوم الذي ينص على فتح مجال التعليم الفرنسي. وكانت نقطة الانقسام هي قبول أو رفض هذا التعليم، وتمسك كل طرف برأيه. ولم يصلوا إلى حل وسط ولم يقترحوا إجراءات عملية. ورأى ابن بريهمات أن المصلحة ستضع إذا بقي الوضع كذلك، وكان الكولون يؤيدون الرافضين للتعليم للأهالي ويزعمون أن هؤلاء غير قابلين للتعلم، وأن الميزانية لا تسمح بذلك، وكان بعضهم يقول إن لدى الجزائريين عددا كبيرا من المدارس القرآنية وهي تكفيهم (٢).

أما ابن بريهمات فقد عالج الموضوع بطريقته. فرجع أولا إلى مفاخرة الفرنسيين بتقدم التعليم عشية الاحتلال وكون التعليم كان مقدسا عند المسلمين. فذكر أنه كان في الجامع الكبير وحده اثنتا عشرة مادة تدرس قبل سنة ١٨٣٠ وأن التعليم لم يكن متأخرا. وفي سنة ١٨٥٧ طالبت التقارير الرسمية بفتح المدارس في الريف والمعاهد في المدن، وأن هذا التعليم قد أعطى نتائج قبل ١٨٧١. ولكن ديقيدون ألغى تلك المدارس والمعاهد بجرة قلم (٣). ورفض أحمد المقولة الشائعة عندئذ وهي أن عرب الريف يرفضون التعليم. وأرجع ذلك إلى استحالة إرسال أبنائهم إلى المدارس لبعدها


(١) نشرت كلمته جريدة (المنتخب) في عددها الرابع، وألقى الكلمة في ١٤ مايو ١٨٨٢ بباريس. انظر قنان، (نصوص) ص ١٨٨.
(٢) انظر فصل التعليم المزدوج.
(٣) ذلك هو العهد الذي نشأ فيه والده وتولى فيه إدارة المدرسة الشرعية. ونفهم من هذه المقارنة بين عهد الامبراطورية وعهد الجمهورية أن أحمد كان يحبذ عهد نابليون الثالث الذي نشر التعليم المزدوج.

<<  <  ج: ص:  >  >>