للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحوالي عشر كلم عن منازلهم. فالمدارس كانت قريبة من المراكز الأوروبية ولكنها بعيدة عن مزارع وقرى أهل الريف الجزائريين. فكان على الطفل الذي عمره بين ٧ و ١٢ سنة أن يقطع يوميا بين ١٦ و ٢٠ كلم للذهاب إلى المدرسة والرجوع منها.

ومن رأى أحمد بن بريهمات أن التقاليد الإسلامية لا تمانع في إدخال إصلاحات على نظام التعليم بالنسبة للجنسين. ولذلك نادى بإلزام العرب تعلم العربية والفرنسية في نفس الوقت. ونبه إلى الخسارة الكبيرة التي ستصيب التراث المكتوب بالعربية إذا حذفت العربية من المدارس، وأن النكبة ستلحق بكل الناس. ولذلك طالب بإرسال البنين والبنات إلى المدارس الفرنسية/ العربية الجديدة، واستنكر موقف الناصحين بمقاطعة المدارس باسم الدين. وأشاد (بروح الإنصاف) التي يتحلى بها في نظره لويس تيرمان، وذلك منه ربما مجاملة فقط. ثم اقترح إجراءات عملية رآها كفيلة بإزالة الشكوك والمخاوف عند بعض المسلمين، سيما نحو بناتهم. ورأى أن تعليم المرأة سيترتب عليه قلة النساء في بيوت الفساد، وقلة الرجال أمام المحاكم، وأن التعليم عموما سيؤدي إلى الصداقة مع الفرنسيين. وقد أيد بقوة التعليم الإجباري والمجاني للجنسين لأنه وسيلة (بعثنا ونهضتنا) (١).

وهذا الحماس نحو النهضة والبعث منذ أوائل الثمانينات هو الذي جعل أحمد بن بريهمات من رواد الفئة الاندماجية رغم اعتداله. وقد كانت أصوله العائلية وغيرته على التراث العربي الإسلامي وإشاراته المتكررة إلى الأندلس، والمفاخرة بأمجاد الماضي تجعل منه صوتا من الأصوات المحافظة أيضا. ولكننا لا ندري إن كان قد ظل على موقفه هذا. فوصف آجرون له بأنه كان من المعارضين نفهم منه أنه كان معارضا لسياسة التجهيل الفرنسية وسياسة التخوف الأهلية. ومع ذلك فإن أحمد كان غير متحمس سنة ١٩٠٣ لدعوة الشيخ محمد عبده أثناء زيارته للجزائر، بتحرير العقل لدى المسلمين


(١) كتب ذلك بتاريخ ٧ أكتوبر ١٨٨٣. انظر قنان، (نصوص) ص ١٩٠ - ١٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>