الإمامة أيضا. فقد كان له ابن تولي الإمامة بمسجد سيق، وهو مسجد، حسب البوعبدلي، حر بناه صهره، وبقي هذا الابن (ولا نعرف اسمه) في الإمامة إلى أن توفي، وكان من فقهاء الوقت. أما إبنة الزياني فقد كانت متمردة ومعروفة (بالقايدة حليمة)، وكانت متزوجة من رجل له مكانة في العهد العثماني (؟)، وقد كانت متمردة على الحجاب، فكانت تحضر الحفلات الرسمية سافرة وتشارك في الفروسية وتستقبل الوفود. وقبل وفاتها أول الحرب العالمية الثانية أدت فريضة الحج واستبدلت لقب القايدة بالحاجة (١).
أما محتوى الكتاب فهو أساسا عن وهران ونواحيها، كما سبق، ولكنه يتعرض أيضا لتاريخ الجزائر عموما في العهد العثماني، وشمل ذلك الحديث عن البايات، وعن الفتح الثاني لوهران، أي استرجاعها من يد الاسبان (١٧٩١). وخصص مكانا بارزا لثورة الطريقة الدرقاوية ضد بايات الغرب، معتمدا على عدة مصادر منها مؤلف مفقود لأبي راس، وكذلك الشعر الشعبي. ومثل معظم المؤلفين الجزائريين في عهد الاحتلال الفرنسي كان الزياني أيضا قاسيا على بعض البايات، فأظهر ظلمهم وتعسفهم. ولا ندري ما إذا كان الزياني قد ألف كتابه بطلب من بعض الفرنسيين، شأن عدد من مواطنيه، الذين كانوا يريدون من مؤرخي الجزائر أن يمهدوا لهم الأرض وأن يصفوا لهم أحوال البلاد والحكام والرجال والطرق الصوفية، ثم يتدخلون هم للتحليل والتعليق والاستنتاج. ورغم أن البوعبدلي يقول إن ايسترهازي قد أخذ من دليل الحيران، فإننا بالرجوع إلى التواريخ نستبعد ذلك. فايسترهازي ألف كتابه سنة ١٨٣٨ ونشره بعد سنتين. ويغلب على الظن أن الزياني لم يكن عندئذ سوى يافع، فكيف يكون قد ألف كتابا ينقل عنه الآخرون؟ ولعل حماس الزياني إلى تصحيح ما كتبه الأجانب عن وهران يدل على أنه هو الذي قد يكون اطلع على كتاب ايسترهازي وليس العكس. ومن الأسف أننا لا نعرف الآن متى ألف الزيانى كتابه.
(١) نفس المصدر، المقدمة. وفي هذه المسألة استغراب، فكيف يكون زوجها من العهد العثماني وتؤدي فريضة الحج خلال الحرب العالمية الثانية؟.