الأوبرا. والملاحظ أن المسرحيات كان يمثلها مؤلفوها في هذه المرحلة. ولا تكاد المسرحية الواحدة تعاد مرة أخرى. وكانت قصة جحا استثناء. ورغم ظهور عدد من أسماء الشباب في العشرينات فلم تظهر أخرى في الثلاثينات غير محيي الدين باش تارزي، بينما برز مؤلفون لمسرحيات تعليمية خلال الثلاثينات، أمثال محمد العيد ومحمد بن العابد ومحمد النجار. وأفضل أوقات العرض هي شهر رمضان لأن الناس يسهرون ويتسلون أثناء أوقات الفراغ.
والجمهور كان يختلف باختلاف الموضوعات والممثلين. فالمسرحيات العامة كان يحضرها جمهور المتعلمين المتنورين (وهم عادة ممن لهم علاقة بالمدرسة الفرنسية والثقافة الغربة)، وفئة العمال والخدم والطلبة في المدارس الفرنسية. ويقول ابن شنب إن العلماء وأصحاب العمائم (أي طبقة رجال الدين والعلم التقليدي) كانوا معارضين للمسرح وخروج المرأة كممثلة، وكان المسرح في نظرهم ضد الأخلاق الحسنة والعادات الكريمة. وربما كان ذلك أثناء كتابة مقاله (١٩٣٥). ولكن الأمر قد تغير بعد ذلك، فقد كان أصحاب العمائم من رجال الإصلاح يحضرون التمثيليات وسط الجمهور، بل كان بعضهم هم الذين ألفوا المسرحيات للطلبة لكي يمثلوها. وأصبح التمثيل وسيلة للنهضة ونشر الأفكار والتربية. ولكن بشرط ألا ينحط الممثل إلى درجة سفلى، فيقلد لمجرد التقليد، ويبالغ في التقعر من أجل إحداث الضحك وانتزاع الإثارة. والمسرح على العموم مشروع اجتماعي، له تقنياته ولغته وإشاراته وديكوره وملابسه وهواته (١). ومهما كان الأمر فإنه مع الحرب التحررية (١٩٥٤) كان المسرح الجزائري قد بنى لنفسه تقاليد وأصبح له أمجاد وتراث، وعرف طريقه إلى قلب الشعب.
لم يكن المسرح مقتصرا على العاصمة، كما نفهم من بحث سعد الدين بن شنب. فقد كانت جهات أخرى أيضا. تحاول جهدها، كما أشرنا