ومن رأي السيد حشلاف أيضا أن الموسيقى الجزائرية لا تكاد تخرج عن ضربين: الحضرية والبدوية. والموسيقى الحضرية تتنوع إلى: العروبي، والحوزي، والمالوف والحوفي والزنداني والمحجوز والرحوي والغاوي. وكل نوع له مكانه وزمانه. أما الموسيقى البدوية فهي تختلف باختلاف جهاتها، وهي: الصحراوية، والغربية (الوهرانية) والأوراسية، الخ. وعند الغناء يستعمل أهل كل جهة لهجتهم المحلية مثل التارقية (الهقارية)، والشاوية، والقبائلية، والميزابية، الخ. وقد ظل معظم الشعب يعيش في الأرياف، ولذلك بقيت الموسيقى ريفية (بدوية) في أغلبها ولم تخضع للتأثيرات الخارجية، وهي تستعمل الآلات التقليدية (الجواق، والزرنة والمزود والطبلة والبندير والدف والقلال)، ويسمى المغني البدوي (الفحصى) تحريف (الفصحى) لأن المغنين الأولين كانوا شعراء ينشدون أشعارهم بالفصحى. ومن أشهر الشعراء المغنين في الريف أوائل هذا القرن: الشيخ وراد (تجلابين) والشيخ ابن مناد (تابلاط)، والشيخ بوطبل (الشلف) وأحمد بن الزبير (بنو سليمان)، والشيوخ محمد السنوسي، وولد منور، وولد الزاوي، وحمادة، وكلهم كانوا بناحية مستغانم.
وقد لعب التسجيل دورا بارزا في حفظ التراث الموسيقي. فقد سجلت أغاني الشيوخ الأربعة المتأخرين المشار إليهم بين سنوات ١٩٠٦ و ١٩٢٦، بينما ضاع تراث وراد وابن مناد وبوطل وابن الزبير وغيرهم (١). والواقع أنه منذ ١٩٠٨ انطلق التسجيل لأصوات الفنانين رجالا ونساء. كما سجلت أصوات جماعية (جوقة) مثل (قالوا العرب قالوا، ورانا جيناك، يا بلارج). وكانت الفرق في بداية القرن تضم أسماء يهودية مثل يافيل وسرور وروباش، أو أوروبية (نصرانية) مثل ماري سوسان. ومن هذه الفرق فرقة فيتوسي، وفرقة البيدي، وفرقة ليفي، ثم ظهرت فرقة المطربية وفرقة الكمال (وهي غير معروفة من قبل).