المستحسنة والغرائب العجيبة وبعض الأحكام الشرعية) (١). ومن الملاحظ أن ابن عمار قد استخدم السجع عند الحديث عن النفس والمشاعر الشخصية وفي الحديث عن الأدب والعواطف، ولكنه عمد إلى النثر المرسل عند الحديث عن القضايا الدينية وعن التفسير ونحو ذلك، وكان الورتلاني أيضا يسجع ويتكلف تنميق عبارته في مقدمة أعماله ويسترسل فني غير ذلك، ولكن شتان بين أسلوب الرجلين فى هذا الباب.
أما الوصف الحسي فقد وجدنا لابن عمار أيضا قطعة جميلة يصف فيها قصرا، هو قصر ابن عبد اللطيف بالعاصمة، الذي ما يزال قائما إلى اليوم، وقال ابن عمار إن الوزير الكاتب أحمد بن عبد اللطيف قد استدعاه إلى صنع ما صنعه كسرى أنو شروان، فقضى فيه سهرة ممتعة قلما يجود بها الدهر، مع زملاء آخرين من أعيان البلاد، وقد جمع ابن عمار، كعادته أيضا، في هذا الوصف بين النثر والشعر، ومدح فيه آل عبد اللطيف بالعلم والثروة والجاه والوزارة، ومما جاء في وصف القصر نثرا قوله:(فاحتللنا قصرا وما أدراك من قصر، تقابل الوصف أوصافه بالحبس والقصر، وتعبث محاسنه بالزهراء والزاهرة، وتشرف شرفاته على النجوم الزاهرة، وتزهو بدائعه على الزاهي والدمشق، وتلهو مقصوراته بقصور العراق ودمشق ..) ثم وصف انفساح عرصاته ووفرة الأرائك والمنصات والزرابي والدسوت والفرش والأكواب والفاكهة، وقال إنهم ظلوا في القصر حتى الصباح، يغازلون القدود والبدور الملاح، وكان السرور يغمرهم بحمياه وقد أرخى عليهم الليل سدوله وأداروا الكؤوس ومقطر الورود. وكان الحاضرون لهذه الحفلة (لمة من الأعيان، تهابهم القلوب وتجلهم الأعيان) فيهم رجال الأدب والعلم وفيهم أهل الراية والحرب، وقال إنهم قطعوا هناك ليلة أنس قصيرة ولكنها كانت في الفخر ليلة طويلة، وأضاف ابن عمار إلى هذا الوصف، الذي يبلغ صفحة على الآلة الكاتبة، قصيدة طويلة من جيد ما نظم، ومطلعها: