وقدم فيه اسمه على اسم الله، لأنه واسطة بينه وبين الله، ولما كان الأنبياءُ في
البشرية من جبلّة المرْسَل إليهم، وجِنْسهم في الظاهر، واصطفاهم الله.
بعلمه وحكمته، كانوا أكثر فَهْماً وإدراكاً.
ولذلك قال لمن أتى بهديّة بلقيس: (فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ) ، فلما رأت ذلك منه خافت وفزِعت وأسلمت مع سليمان.
فإن قلت: كيف خفي على سليمان مكانها، وكانت المسافة بين محله وبين
بلدها قريبةً، وهي مسيرة ثلاث بين صنعاء ومَأرِب؟
فالجواب أن اللهَ أخفى ذلك عنه لمصلحةٍ رآها، كما أخفى مكان يوسف على
يعقوب.
فإن قلت: كيف قال الهدهد: (وأوتِيَتْ من كل شيء) - مع قول سليمان:
(وأوتينا من كل شيء) ، كأنه سوّى بينهما؟
والجواب فَرْق ما بينهما أنَّ سليمان قال ذلك من المعجزات والنبوءة وأسباب
الدين وأسباب الدنيا، فهذا العطف على شكر مولاه وعطف الهدهد على الملك، ولم يرد إلا ما أعطيته بلقيس من أسباب الدنيا اللائقة بحالها، فبَيْن الكلامَيْنِ بَوْنٌ بعيد.
(ممَرَّد) : أملس، ومنه الشجرة الْمَرْدَاء، والأمْرَد الذي لا ثَعْر على وجهه.
(محْضَرِين) : أي للنار.
(منِيبينَ إليه) : منصوب على الحال، من قولك: (فَأقِمْ وَجْهك) ، لأن الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم -، والمراد هو وأمّته، فلذلك
جمعهم في قوله: (منِيبين) .
وقيل هو حال من قوله: (فَطَر الناسَ) ، وهذا بعيد.