للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: إي؛ لأن الأصل بقاء ما كان على ما هو عليه حتى نتيقن الزوال؛ فالنية ثبتت بيقين، والتردد شك، والشك لا يُبطل اليقين، وهذا القول هو الصحيح، وكذلك لو علَّق النية على شرط مثلًا دخل في الصلاة قال: أنا على أساس أنني أصلي إلا إذا جاء فلان فأنا أقطع الصلاة، ولكنه استمر ولم يأتِ فلان؛ فإن الصلاة صحيحة، ويمكن أن يستدل على ذلك بقول الرسول عليه الصلاة والسلام لضباعة بنت الزبير: «فَإِنَّ لَكِ عَلَى رَبِّكِ مَا اسْتَثْنَيْتِ» (٦)، فإن هذا دخل بنية مشروطة، فيكون له ما شرط.

يقول: (وإذا شك فيها استأنفها) إذا شك في النية، هل نوى أم لم ينوِ، أو شك هل نوى الصلاة المعينة أم لم ينوِها فإنه يستأنف؛ وذلك لأن الأصل العدم، فإذا شك هل نوى أو لا فالأصل عدم النية.

وهذا كما قال المؤلف رحمه الله: (إذا شك فيها استأنفها)، ولكن يبقى: هل هذه الصورة واردة؟ بمعنى: هل يمكن أن يأتي إنسان ويتوضأ، ويقدم إلى المسجد، ويكبّر ويقول: إني أشك هل نويت أم لا؟

الظاهر أن هذا لا يمكن، وأن المسألة فرضية، إلا أن يكون موسوسًا، والموسوس لا عبرة بشكه، ولهذا قال:

وَالشَّكُّ بَعْدَ الْفِعْلِ لَا يُؤَثِّرُ

وَهَكَذَا إِذَا الشُّكُوكُ تَكْثُرُ

فإذا كثرت الشكوك، فهذا وسواس لا يلتفت إليه، ولهذا تصوُّر هذه المسألة -أعني الشك في النية- تصورها صعب؛ لأنه من المستحيل أن يكون إنسان عاقل يدري ما يفعل؛ أن يأتي ويدخل في الصلاة، ويكبِّر ويقرأ؛ ثم يقول: والله أنا شكيت هو أنا ناوي ولَّا لا؟

هذا بعيد جدًّا، ولهذا قال بعض أهل العلم: لو كلّفنا الله عملًا بلا نِية لكان من تكليف ما لا يطاق؛ يعني لو قال الله لنا: اعملوا ولا تنووا، كيف نعمل ولا ننوي؟ هذا ما هو ممكن، لكن على تقدير أن هذا يوجد -ولو نظريًّا- فإننا نقول: إذا شك في النية وجب أن يستأنف العبادة، ونحن الآن في الصلاة وجب أن يستأنف الصلاة، لماذا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>