للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبق لنا أنه إذا انتقل من فرض إلى فرض فإنه لا تَصِحُّ، يَبْطُل الأول لإبطاله إياه بالنيَّة، ولا ينعقد الثاني؛ لأنه لم يَنْوِه بتكبيرة الإحرام، وسبق لنا أن هذه القاعدة مطَّردة في كل انتقال من مُعَيَّنٍ إلى معين، أو من مطلق إلى معين، وأنه إذا انتقل من مُعَيَّنٍ إلى مُطْلَق صحَّ، مثل: أن ينتقل من الفريضة يجعلها نافلة نفلًا مطلقًا فإنه يَصِحُّ، ووجه ذلك أن نية الفريضة تتضمن نيتين: نية الصلاة المطلقة، ونية التعيين؛ فإذا ألغى نيَّة التعيين بقيت نية الصلاة المطلقة.

قال المؤلف رحمه الله: (يجب نيةُ الإمامة والائتمام)، سبق لنا أيضًا: أنه يَجِب على الإمام أن ينوي الإمامة، وعلى المأموم أن ينوي الائتمام، وأن هذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله.

وسبق أن نيَّة الإمام الإمامةَ فيها خلاف بين أهل العلم؛ فمن العلماء مَنْ قال كما قال المؤلف: أنه لو صلَّى الإنسان وائتم به شخص وهو لم يعلم به وبقى الإمام ناويًا الانفراد فإن الصلاة لا تصح؛ صلاة المأموم، أما صلاته هو فصحيحة.

ولكن في المسألة قول آخر: أنه يجوز أن يصلِّى الإنسان خلف شخص لم يَنْوِ الإمامة به، وذكرنا أن هذا قول الإمام مالك رحمه الله، واستدل بأن النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى ذات ليلة في المسجد، فصلى بصلاته أناسٌ من غير أن يعلم بهم، فدلَّ ذلك على جواز الائتمام بشخص لم ينو أن يكون إمامًا لك، أما نية الائتمام فلا بد منها؛ يعني: لا يمكن لإنسان أن يصلي إلى جنبك ينوي أن يكون إمامًا بك وأنت لا تنوي أن تكون مؤتمًّا به، ثم نقول: يصح ائتمامك، لا نقول هكذا لأنك لم تنو، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» (٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>