للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن الإمام أحمد رحمه الله رواية أن التعَوُّذ من هذه الأربع واجب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها، ولأن هذه الأشياء الأربعة أمرها عظيم وشأنها كبير، فكانت جديرة بأن تُفْرَض على المسلمين ليقولوها في صلاتهم، ليستعيذوا بالله منها في صلاتهم؛ لأن خطرها من أعظم الخطر، وإذا نجا الإنسان منها فقد نجا.

فعلى هذا نقول: المسألة فيها قولان لأهل العلم -أي في وجوب التعوذ بالله من هذه الأربع فيه قولان لأهل العلم-:

القول الأول: أن ذلك واجب؛ لأمر النبي صلى الله عليه وسلم، ولشدة خطرها وعظمها.

والقول الثاني: أنها سنة، وهذا هو الذي عليه جمهور العلماء.

ولا شك أنه لا ينبغي للإنسان أن يُخِلَّ بها، فإن أَخَلَّ بها فإنه على خطر من أمرين؛ الأمر الأول: الإثم، والأمر الثاني: ألا تصح صلاته، ولهذا كان بعض السلف يأمر بإعادة الصلاة على من لم يَتَعَوَّذ بالله منها.

وسبق لنا أن المؤلف يقول بعد ذلك: (يدعو بما ورد)، فقوله: (بما ورد) (ما) اسم موصول يشمل كل الوارد.

ولكن ليس مراده أن كل دعاء ورد في السنة يُدْعَى به هنا، وإنما مراده أن يدعو بما ورد الدعاء به في هذا المكان، ومنه ما سبق: «اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَعَلَى شُكْرِكَ، وَعَلَى حُسْنِ عِبَادَتِكَ» (٥)، ومنه ما عَلَّمَه النبيُّ صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه حين قال: يا رسول الله، علِّمني دعاء أدعو به في صلاتي، قال: «قُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِي؛ إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» (٧)، ولكن لو دعا بدعاء غير ذلك فإنه يجوز.

لكن ظاهر كلام المؤلف أنه لا بد أن يكون الدعاء واردًا، ولكن هل مراده واردًا باعتبار الجنس، أو باعتبار النوع والعين؟

<<  <  ج: ص:  >  >>