للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل إن كل عبادة يَتَعَبَّد بها الإنسان فهي ذكرى للرسول عليه الصلاة والسلام، لماذا؟ لأن المتعبد ينبغي له -إن لم أقل يجب عليه- أن يلاحظ في عبادته شيئين:

الشيء الأول: الإخلاص لله عز وجل، وأنه فعل العبادة تقرُّبًا إليه وامتثالًا لأمره.

والثاني: المتابعة للرسول عليه الصلاة والسلام، وأنه فَعَل العبادة اتباعًا للرسول صلى الله عليه وسلم، وكأن النبي صلى الله عليه وسلم أمامه إمامه، هذا لا بد من أن يتذكر الإنسان هذا الشيء لتتم العبادة، هذه ذكرى، حتى لو تسَوَّكَ الإنسان اتباعًا للسنة فهذه ذكرى، لو قدَّم رجله اليمنى عند دخول المسجد اتباعًا للسنة فهذه ذكرى، لو قدَّم إدخال يده اليمنى في الكم قبل اليسرى اتباعًا للسنة فهذه ذكرى.

إذن المسلمون في كل أحوالهم يذكرون النبي صلى الله عليه وسلم، أما الذكرى بهذه الطقوس المبتدعة التي ما أنزل الله بها من سلطان، فإنها تدمِّر أكثر مما تعمر؛ لأن القلب يجد فراغًا واسعًا عندما تنتهي هذه المناسبة أو الاحتفال بهذه المناسبة يجد فراغًا، وكأن الذكرى انتهت؛ ولهذا تجدون من حكمة الله أنه ما من بدعة تُقَام إلا وينهدم من السنة مثلها أو أكثر.

إذن كل مَن أقام عيدًا لأي مناسبة، سواء كانت هذه المناسبة انتصارًا للمسلمين في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، أو انتصارهم فيما بعد، أو الانتصار لقومية، كل من أقام عيدًا بهذه المناسبات فإنه مبتدع، وقد قدم النبي عليه الصلاة والسلام المدينة ووجد للأنصار أظن عيدين يلعبون فيهما فقال: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِخَيْرٍ مِنْهُمَا؛ عِيدِ الْفِطْرِ وَعِيدِ الْأَضْحَى» (٢٥)، مما يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يحب أن أمته تحدث أعيادًا سوى الأعياد الشرعية التي شرعها الله عز وجل.

إذن العيدان هما -في كلام المؤلف- عيد الفطر وعيد الأضحى.

هناك العيد الثالث تكلم عليه المؤلف أولًا في باب صلاة الجمعة وانتهى منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>