للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقول المؤلف: (فرض كفاية) فرض الكفاية يقول العلماء: هو ما قصد بالذات بقطع النظر عن الفاعل، ما قصد بالذات أي: قصد هذا الفعل بقطع النظر عن الفاعل؛ وعلى هذا فيكون فرض الكفاية مطلوبًا من المجموع لا من الجميع؛ مطلوبًا من المجموع يعني: مجموع الناس يلزمهم أن يقوموا بفرض الكفاية لا من الجميع، فيلزم كل واحد بعينه. إذن إذا كان فرض كفاية فإذا قام بهما من يكفي سقط عن الباقين، فلو أقام صلاة العيد أربعون رجلًا، فإن بقية أهل البلد لا تلزمهم صلاة العيد. أعرفتم؟ هذا معنى كونها فرض كفاية.

القول الثاني في المسألة: أنها ليست فرضًا، بل هي سنة، واستدل هؤلاء لقولهم بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأعرابي حين علَّمه فرائض الإسلام ومنها الصلوات الخمس، فقال الأعرابي: هل عَلَيَّ غيرُها؟ قال: «لَا، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ» (٢٦)، وهذا عام: هل عَلَيَّ غيرها؟ فإن كل صلاة تغاير الصلوات الخمس داخلة في هذا، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «لَا» إنها ليست واجبة «إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ»؛ يعني: إلا أن تفعلها على سبيل التطوع، وهذا مذهب مالك والشافعي أنها سنة وليست بواجبة.

وذهب بعض أهل العلم إلى أنها -أي صلاة العيدين- فرض عين على كل واحد، وأنه يجب على جميع المسلمين أن يصلوا صلاة العيد، ومن تخلف فهو آثم، وإلى هذا ذهب أبو حنيفة واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، واستدل هؤلاء بأن النبي صلى الله عليه وسلم: أمر النساء حتى الحيض، وذوات الخدور أن يخرجن إلى المصلى يشهدن الخير ودعوة المسلمين (٢٣)، وهذا يدل على أنها فرض عين؛ لأنها لو كانت فرض كفاية ما ألزم النساء به، لكان الرجال قد قاموا بها ولا يلزم النساء بها، وهذا عندي أقرب الأقوال أنها فرض عين وأن من تَخَلَّف عنها فهو آثم.

وعلى هذا يكون في المسألة ثلاثة أقوال؛ أنها سنة، أنها فرض كفاية، أنها فرض عين. وهذا الأخير هو الراجح.

<<  <  ج: ص:  >  >>